الأحد، 23 ديسمبر 2012

سورية سفينة الحرية

إليكم من كردستان..
بسم الله الرحمن الرحيم .

<< وله الفلك الجوار المنشآت في البحر كالأعلام>>
سورة الرحمن. أية (24)


<< وربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيماً  >>
سورة الإسراء الأية (66)








_  مقدمة

-المبحث الأول : تعريف السفينة

- المطلب الأول : تعريف السفينة من خلال التشريع المقارن

المطلب الثاني : تعريف السفينة في التشريعات العربية

- المبحث الثاني : الطبيعة القانونية للسفينة

-المطلب الأول .: السفينة كمال

-المطلب الثاني : شخصية السفينة

- لائحة المراجع المعتمدة


 مقدمة:
    دأب الناس منذ عدة ألاف من السنين على إستخدام السفن في إرتياد البحر الذي إجتدبتهم أسراره و ما ينطوي عليه من مغامرات مشوقة ، و أهم من ذلك أن الناس أبحروا من أجل الإكتشاف  و الإستيطان كما أبحروا من أجل التجارة و الغزو.
   ومع تطور الحضارة البشرية تطورت أيضا معها القوارب و السفن ، و أصبحت هذه الأخيرة جزءأ هاما من النظم التجارية و العسكرية الحديثة ، و أصبحت هي محور الزاوية و الأساس في كل ملاحة بحرية .
     ومع أواخر القرن 19م تغيرت صناعة السفن رأسا على عقب بعد أن كانت تصنع السفن القديمة من الخشب سواء من خشب البامبو أو الخيزران ، فبعد إختراع المحركات البخارية تغير معها جسم السفينة و أصبح من حديد ، و أصبحت السفن في ذلك الوقت تولد الطاقة الكهربائية من نفسها بمولدات خاصة ، وكانت تبلغ سرعتها من 20 إلى 25 عقدة ، أما الآن فسفن الملاحة تبلغ سرعتها أكثر من 40 عقدة  .
     مع مرور الزمن بدأت السفن في الإتساع و تخطت الإبحار في الأنهار و البحيرات و البحار المغلقة ، و إقتحمت المحيطات الشاسعة بحيث أصبحت هي الوسيلة الرئيسة في ربط العالم اليابس مع بعضه ، وفي تطوير التجارة الدولية و خدمة الإقتصاد الوطني و العالمي ، بالإضافة إلى أنها الوسيلة المهمة في المحافظة على أمن و إستقرار الدول البحرية ضد الهجمات ، و الوسيلة الرئيسية من أجل استغلال الثروات الحية و الغير الحية التي توفرها المجالات البحرية لمختلف الدول مما يحقق لها أمنها الغذائي، و استقرارها  الاقتصادي ، و بسط سيادتها في مجالاتها البحرية ، و مؤسسة كهذه تتطلب منا الوقوف على تحديد مفهومها القانوني خصوصا إذا علمنا أن التقنيات المستجدة للملاحة و التكنولوجية البحرية تؤدي إلى بناء منشآت تشبه إلى حد كبير السفينة و التي تخصص إما لأغراض ثانوية تبعية للملاحة البحرية كسفن الخدمة و مختلف المنشآت العائمة التي تعمل داخل الموانئ و الخلجان بغرض الشحن أو التفريغ بجوار الأرصفة أو في الصف الثاني ، و إما لأغراض عسكرية أو إقتصادية كمسطحات لتنقيب و منشآت الشواطئ و النزهة  ...إلخ. هذا من جهة ، و من جهة أخرى فبإعتبار السفينة شيء مادي إدا فهي تصنف ضمن الأموال ، لكن ما هي فئة الأموال التي ترتبط بها هذه الأخيرة؟، و كذلك بإعتبارها تمر بمجموعة من المراحل في حياتها تبدأ من الولادة و دينامكية الشباب و شيخوخة ثم الموت ، مع العلم أنها تتوفر في كل هذه المراحل على هوية و ذاتية مستقلة بل و شخصية قانونية أساسها الحالة المدنية الشبيهة بتلك التي يتمتع بها الأشخاص عموما ، إذا ما هي طبيعة هذه الشخصية القانونية التي تتمتع بها السفينة؟ .
         كل هذه الإشكاليات ستحاول الباحثة معالجتها من خلال تقسيمها لهذا البحث إلى مبحثين ، وستطرق الباحثة في المبحث الأول لتعريف السفينة  ، ثم تحديد طبيعتها القانونية من خلال المبحث الثاني .







المبحث الأول : تعريف السفينة:

-  المطلب الأول : تعريف السفينة من خلال التشريع المقارن.
-  المطلب الثاني : تعريف السفينة في التشريعات العربية.





 المبحث الأول : تعريف السفينة:
         تعتبر السفينة الأداة الرئيسية في ممارسة الملاحة البحرية ، إلا أن ظهور التقنيات الجديدة في الصناعة البحرية أدت إلى وضعية من عدم الدقة في تعريف السفينة ، كما أن هذه الوضعية لا تقتصر فقط على القانون الداخلي بل تشمل أيضا القانون الدولي [1] مما أدى إلى ظهور اتجاهات مختلفة في هذا الشأن ، منها من التزم الصمت بخصوص تعريف السفينة ، ومنها من اقتصر على تعريفا ضيقا يرتبط بالأساس بموضوع النص أو بطبيعة المادة التي يتم تحليلها ، ومنها من اعتمد تعريفا موسعا أو تمثيليا على الأقل من حيث بعض العلاقات و الجوانب ليشمل بذلك مختلف هذه المنشأة البحرية . و ستحاول الباحثة الوقوف على هذه التعاريف من خلال المطلب الأول ثم الوقوف  تعريف السفينة في التشريع  المغربي والليبي من خلال المطلب الثاني .

         - المطلب الأول : تعريف السفينة من خلال التشريع المقارن.
  بالنسبة للتشريعات المقارنة نلاحظ إنقسامها إلى اتجاهين ، اتجاه متمثل في إعطاء تعريف قانوني للسفينة و إتجاه ثاني متمثل في عدم إعطاء تعريف قانوني للسفينة، كالقانون الفرنسي و الألماني و البرتغالي و الإسباني و الإتفاقيات الدولية ، حيث اكتفت هذه الأخيرة بالإحالة الصريحة أو الضمنية على القوانين الوطنية لتحديد
..................................................................
[1] د . محمود فريد العريني، د.محمد سيد السيد ألفقي، القانون البحري والجوي، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2005
مفهوم السفينة و المنشات الشبيهة بها كإتفاقية بروكسيل المتعلقة بمسؤولية مالك السفينة لسنة 1957 ، و الإتفاقية رقم 145 المتعلقة بإستمرارية الشغل لسنة 1976، و الإتفاقية رقم 147 المتعلقة بالقواعد الدنيا الواجب إحترامها من طرف السفن التجارية لسنة 1976 ، و الإتفاقية رقم 22 المتعلقة بعقد الشغل البحري ، و الإتفاقية رقم 7 المتعلقة بالسن الدنيا للشغل البحري لسنة 1922 ، و الإتفاقية رقم 58 لسنة 1936 ، و الإتفاقية رقم 16 لسنة 1939[2]، وقد أعطت مجموعة من العناصر التي يمكن أن تعين ذاتية السفينة ، كالتخصيص للملاحة البحرية . و خلافا لهذا الإتجاه فقد عملت بعض التشريعات الوطنية و الإتفاقيات الدولية على إعطاء تعريف للسفينة إلا أنها إختلفت من حيث نطاق هذا التعريف ، فهناك من إكتفى بإعطاء تعريف ضيق يشمل إما بعض هذه المنشات البحرية ، و إما أنه يسوي في ما بين جميع هذه المنشات البحرية في بعض الأحكام .
  و يمكن إدراج مثال بعض التشريعات المقارنة التي عرفت السفينة كالتشريع الأردني ، فقانون التجارة الأردني فيعرفها في مادته (3) بأنها " كل مركب صالح للملاحة أيا كان محموله و تسميته سواء أكانت هذه الملاحة تستهدف الربح أم لم تكن . و تعتبر جزء من السفينة جميع  التفرعات الضرورية لإستثمارها "
   فالقانون الأردني لم يعر أي إهتمام للتسمية ، فاستعمل لفظ مركب للدلالة على السفينة ، و المعروف أن لفظ (المركب) يطلق على السفن النهرية ، فالقانون الأردني لا يفرق بين هذين المصطلحين بالرغم من أنها تفرقة مصطلح عليها .

......................................................................
[2] د.كمال حمدي ، القانون البحري ، ط3 ، منشأة المعارف،( منشأة المعارف –مصر .
      و تكتسب المنشأة وصف السفينة بصرف النظر عن شكلها أو حمولتها أو حجمها ، و سفينة الصيد الصغيرة مثلها مثل ناقلة البترول العملاقة كلاهما يندرج في عداد السفن  ، و كذلك تكتسب المنشأة وصف السفينة بصرف النظر عن طريقة إنشائها أو الوسيلة المستخدمة في تيسييرها سواء أكانت متمثلة في البخار أو الشراع أو الطاقة النووية [3]  .
      أما بالنسبة للمشرع التونسي فقد عرف السفينة في الفصل الرابع من المجلة التونسية للتجارة البحرية على أنها "هي المركب المعد للملاحة البحرية ، و المقصود بالمركب أو المنشأة هو كل جسم يتحرك فوق سطح الماء ، فجزء منه يغمره الماء و الجزء الأخر يطفو على سطح الماء ، وبالتالي فلا تعتبر سفنا الأجسام التي تطفو على سطح الماء دون أن تحرك فوقه ، وبالتالي فإن المنصات التي تنصب فوق سطح البحار للتنقيب على النفط و استثماره ليست سفنا ، ولا تقتصر السفينة على هيكلها ، وإنما تشمل أيضا  جميع الملحقات الضرورية لإسثمارها ، سواء كانت تلك الملحقات منفصلة أو متصلة بجسم السفينة ذاتها كالآلات و القوارب و السلاسل و الرافعات و البوصلة و التلغراف و آلات الصيد .   
    و تفقد السفينة صفتها بمجرد تخصيصها لغرض أخر غير الملاحة البحرية و قد حدد المشرع التونسي ميدان أحكام مجلة التجارة البحرية بأن إستثنى السفن الحربية و السفن المستعملة لحراسة السواحل البحرية بإعتبار أن تلك السفن تخضع لنظام قانوني خاص [4].
....................................................................
[3] د.محمود سمير الشرقاوي، القانون البحري، دار النهظة العربية ،  مصر ، 2008. [4] د.ثروت عبدالرحيم ، القانون البحري العراقي ، ج1 ، مطبعة حداد ، بغداد ، 1969 .
     أما عن التشريعات و الإتفاقيات الدولية التي أعطت تعريفا موسعا ، فإنها قد حاولت مسايرة ركب التقنيات المستجدة للصناعة البحرية لتشمل بذلك كل المنشات البحرية العائمة أيا كان تخصصها   و أيا كانت قوة دفعها كالطائرات المائية و مسطحات التنقيب إلا أن هذا لا يعني أن هناك تماثلا مابين هذه المنشات و السفن بل إن هناك بعض التماثل فيما يتعلق بنظامها الإداري بسبب الإختلاف و التباين الواقع فيما بينها ، نذكر منها على الخصوص قانون الملاحة البحرية البلغاري و قانون الملاحة الإيطالي و القانون البحري العام اليوناني الذي يعرف السفينة " بأنها كل منشأة مقعرة مخصصة للزحف فوق الماء بقصد نقل الأشخاص أو الأموال ، و اتفاقية لندن المتعلقة بالمساعدة البحرية لسنة 1989 و اتفاقية لندن المتعلقة بقواعد منع التصادم لسنة 1972 و كل الاتفاقيات المتعلقة بالوقاية من التلوث بالهدروكربون و غمر النفايات في البحر و حماية الوسط البحري .
           - المطلب الثاني : تعريف السفينة في التشريعات العربية.
     اختلف فقهاء القانون البحري وفقهاء القانون الدولي العام في وضع تعريف محدد للسفينة تبعا للمعيار الذي تبناه كل فريق . في السابق كان معيار الطوفان على وجه الماء هو السائد في وضع تعريف للسفينة ، إلا إن هذا المعيار واسع ، شامل لكل ما يمكن أن يطفو على وجه الماء من منشات . ولهذه الكيفية فان هذا المعيار لا يصلح لتحديد تعريف السفينة لان الكثير من المنشات الطافية غير صالحة للقيام برحلات دولية بسبب صغر حجمها أو قوتها الدافعة أو طبيعة تصميمها وبالتالي فهي مخصصة للملاحة الداخلية وهو ما يسمى بالمراكب .
    أما في الوقت الحاضر فان معيار صلاحية المنشأة للملاحة البحرية وتخصيصها لهذا النوع من الملاحة على وجه الاعتياد هو المعيار الذي يعول عليه. ووفقا لهذا المعيار تعتبر المنشاة العائمة سفينة إذا كانت صالحة للملاحة البحرية وان تخصص لهذا النوع من الملاحة على وجه الاعتياد .
أولا : الصلاحية للملاحة البحرية                     :      يفترض أن تصنع السفن بمواصفات وهيئة معينة تسمح لها بالقيام بالملاحة في البحار وان تكون قادرة بهذه المواصفات والهيئة على تحمل مخاطر الإبحار وهذا الشرط يبعد المراكب المخصصة للملاحة الداخلية من مفهوم السفينة كذلك تخرج المنزلقات على الهواء التي تتحرك فوق طبقة من الهواء قريبة جدا من الماء من هذا المفهوم ، كذلك الأحواض العائمة والزوارق التي تعمل في نطاق الموانئ والمياه الداخلية والرافعات العائمة وغيرها من المنشات غير المعدة للملاحة في البحار بغض النظر عن حجم المنشاة ومقدار حمولتها وطريقة بناءها .
ثانيا : القيام بالملاحة البحرية على وجه الاعتياد                : يجب أن تخصص المنشأة العائمة للملاحة البحرية وان تقوم فعلا بهذا النوع من الملاحة بصورة معتادة حتى يمكن اعتبارها سفينة               .    فلا يكفي أن تقوم المنشأة العائمة برحلة بحرية بصورة عرضية لمرة واحدة أو عدة مرات لا يتحقق فيها الاعتياد كي تعتبر سفينة ، بل يجب أن تصدق صفة الاعتياد على القيام بالملاحة البحرية ، ولا تقطع هذه الصفة قيام السفينة بالملاحة الداخلية متى ما توفر فيها شرطي الصلاحية للملاحة البحرية وصفة الاعتياد على هذا النوع من الملاحة . كما لا يقطع صفة الاعتياد قيام السفينة برحلة بحرية استمرارا أو تكملة لرحلة بحرية  [5].

.......................................................................
[5] - د.هشام فرعون ، القانون البحري السوري ، ط3 ،منشورات حلب ،  سوريا ، 1995.
     وعلى هذا فقد عرف الفقيه دانجون السفينة بأنها " كل منشأة تستخدم للسير في البحر " وعرفها غيره " كل منشأة تقوم بالملاحة البحرية أيا كان نوعها متى تحقق تخصيصها لهذا النوع من الملاحة " بينما تجنب فريق من الفقهاء وضع تعريف للسفينة مكتفين ببيان عناصرها القانونية. ولا يقتصر وصف السفينة على بدنها وهيكلها فقط بل ينصرف إلى الأجزاء التي تجعلها قادرة على الملاحة وتخدم استغلالها وهي ما يسمى بملحقات السفينة مثل الرافعات وقوارب النجاة وغيرها ، وقد شبه بعض الفقهاء هذه الملحقات بالعقارات بالتخصيص.
     أما التشريعات البحرية العربية فقد اختلفت هي الأخرى في تعريف السفينة وأحجم البعض منها عن وضع التعريف بين أحكامه وأخذت هذه التشريعات بمعيار صلاحية السفينة للملاحة البحرية وتخصيصها لهذا النوع من الملاحة على وجه الاعتياد . فقد عرفها قانون التجارة البحرية الكويتي في المادة /1 بأنها " كل منشأة صالحة بذاتها للملاحة تعمل عادة أو تكون معدة للعمل في الملاحة البحرية ولو لم تستهدف الربح "وهذا ما نصت عليه المادة /1 من القانون البحري البحريني، وجاءت التشريعات البحرية في قطر واليمن ومصر وعمان بنصوص مشابهة تقريبا.
ويشترط هذا التعريف إضافة إلى شرطي صلاحية السفينة وتخصيصها للملاحة البحرية شرطا ثالثا وهو أن تكون صالحة بذاتها وآلاتها الخاصة للملاحة البحرية وهذا الشرط يخرج المنشآت التي ليس لها قوة دافعة ذاتية (أشرعة ، محركات ) من مفهوم السفينة مثل المنشآت التي تتحرك بواسطة القطر[6] .


........................................................................
[6] د.مصطفى كمال طه ، الوجيز في القانون البحري ،  الإسكندرية ، 1981 .
وقد خالف قانون التجارة البحرية الجزائري هذا الشرط حين نص في المادة 13 على أن السفينة "كل عمارة بحرية أو آلية عائمة تقوم بالملاحة البحرية إما بوسيلتها الخاصة وإما عن طريق قطرها بسفينة أخرى " .
      أما التشريعات البحرية في سوريا ولبنان والأردن فإنها جاءت بنصوص متطابقة وقريبة من تعريف القانون الكويتي لكنها أغفلت تحديد نوع الملاحة ، فيما إذا كانت بحرية أو داخلية ، حين عرفت السفينة بأنها ( كل مركب صالح للملاحة أيا كان محموله وتسميته سواء أكانت هذه الملاحة تستهدف الربح أم لم تكن ... وعلى هذا فان السفينة سواء كانت تقوم بالملاحة في البحار أو الأنهار والمياه الداخلية فإنها تعتبر سفينة خاضعة لأحكام هذه التشريعات .
  أما في التشريعات البحرية العراقية فأن قانون التجارة البحرية الصادر عام 1863 لم يعرف السفينة بينما عرفها قانون تسجيل السفن رقم 19 لسنة 1942 المعدل في المادة /1 بأنها " كل واسطة معدة للنقل في المياه " وهذا التعريف يأخذ بمعيار الطوفان على وجه المياه وهو كما مر سابقا معيار واسع شامل لكل أنواع السفن والمراكب بل لكل ما يطفو على وجه الماء من منشآت وهو تعريف يتلاءم مع الغرض الذي شرع من اجله القانون لكنه لا يتلاءم مع متطلبات الملاحة البحرية لما سبق ذكره من شروط يجب توفرها في السفينة . [7]
   أما قانون الموانئ رقم 21 لسنة 1995 فقد عرف السفينة في مادته الأولى / عاشرا بأنها " الوحدة العائمة التي تعد أولا أو تخصص للملاحة البحرية على وجه الاعتياد ". وهو تعريف يتلاءم مع معيار صلاحية السفينة وتخصيصها للملاحة البحرية .

...........................................................................
[7] د.علي البارودي ، مباديء القانون البحري ،مصر ، 1975
   وتقسم السفن استنادا إلى الغرض الذي تؤديه إلى نوعين سفن عامة وسفن خاصة، فتكون السفينة عامة إذا كانت مخصصة لأعمال حكومية غير تجارية، وتكون خاصة إذا كانت مخصصة لأعمال تجارية غير حكومية وقد أخذت اتفاقية بروكسل لعام 1926 الخاصة بقواعد حصانات سفن الدولة بهذا التقسيم كما اعتمدته اتفاقية قانون البحار لعام 1982 . وقد اقر هذا التقسيم من قبل معهد القانون الدولي في عام 1928 أما قبل ذلك فقد كانت السفن تقسم إلى عامة وخاصة تبعا لمالكها، فالسفن المملوكة للدولة تعتبر سفنا عامة بغض النظر عن الغرض المخصصة له . أما السفن الخاصة فهي السفن المملوكة للأفراد . وكان معهد القانون الدولي قد تبنى هذا التصنيف في دورته المنعقدة في لاهاي عام 1898 ثم تخلى عنه عام 1928 . ولكل من نوعي السفن العامة والخاصة وضعا قانونيا مختلفا عن الأخر في الأجزاء المختلفة من البحار . فالسفينة العامة لها وضع قانوني مختلف عن السفينة الخاصة سواء في مناطق الولاية الوطنية للدولة الأجنبية أو في أعالي البحار .
وتتمثل السفن العامة في السفن الحربية والسفن المخصصة لأغراض عامة غير حربية ، وقد عرفت المادة / 295 من اتفاقية قانون البحار لعام 1982 السفينة الحربية بقولها " سفينة تابعة للقوات المسلحة لدولة ما وتحمل العلامات الخارجية المميزة للسفن الحربية التي لها جنسية هذه الدولة وتكون تحت إمرة ضابط معين رسميا من قبل حكومة تلك الدولة ويظهر اسمه في قائمة الخدمة المناسبة أو فيما يعادلها . ويشغلها طاقم من الأشخاص خاضع لقواعد الانضباط في القوات المسلحة النظامية ".
    أما السفن العامة غير الحربية فقد عرفتها المادة /96 من اتفاقية 1982 بأنها   "تلك السفن العائدة للدولة أو المستخدمة من قبلها والمخصصة لإغراض حكومية غير تجارية " .
    أما السفن الخاصة فإنها السفن المخصصة لإغراض تجارية غير حكومية وتدخل سفن التسلية ضمن السفن الخاصة[8]  .
 إن اختلاف التشريعات  بين تقديم تعريف للسفينة و عدم تقديمه ، وقد كان القائلين بعدم التعريف يرمي إلى ترك الباب مفتوحا لكل تطور مستقبلي لمفهوم السفينة و ماهيتها ، غير أن أغلب التشريعات فضلت تحديد مفهومها لما يترتب على ذلك من أثار قانونية في غاية الأهمية ، و المشرع الليبي سار في هذا النهج الأخير، حيث ينص الفصل الثاني من القانون البحري على أن السفينة "هي المركب الذي يباشر عادة الملاحة البحرية ، أي تلك التي تباشر فوق البحر أو في الموانئ و الخلجان و فوق البحيرات و الغدران و الأقنية و أجزاء الأنهار التي تكون فيها المياه مالحة و تتصل بالبحر "ويمكن القول في البداية أن السفينة منشأة عائمة قابلة للتنقل و التوجيه ، و يشمل هذا الوصف العام كلا من السفينة التي تقوم بالملاحة البحرية ، والمركب الذي يقوم بالملاحة النهرية ، و يهمنا تعريف السفينة بإعتبارها أداة للملاحة البحرية و الاستغلال البحري ، و لكي يمكن اعتبار السفينة أداة للملاحة البحرية ،يجب توفر مجموعة من الشروط من بينها :
1)   قدرة المنشأة على العوم : بحيث تعتبر القدرة على العوم شرطا لازما و أساسيا من أجل الكفاءة التقنية للإبحار ، و بالتالي مواجهة مخاطر البحر، فكل سفينة منشأة بحرية لا تقدر على أن تكون عائمة لا تعتبر سفينة [9]، فليست كل منشأة بحرية سفينة ، فالجزر الصناعية و التجهيزات و وحدات
.....................................................................
[8] د.علي حسن يونس، القانون البحري ط1 ،منشورات حلب،  سوريا، 1999
[9]  د. علي جمال الدين عوض ، القانون البحري ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان ، 2000
 الحفر في البحر تعد من المنشات ، ولكن لا تعد سفنا ومع ذلك فإن قانون البحار الدولي تبنى مفهوما حديثا لتعريف المنشأة من خلا المؤتمر الدبلوماسي المنعقد عام 1988 لإعداد معاهدة لمقاومة الإرهاب البحري ضد المنشات الثابتة ،بحيث طرح إقتراح مفاده أن تعريف السفينة و تعريف المنشات الثابتة يجب أن يكونا متكاملين و أن مصطلح السفينة يجب أن يفسر تفسيرا واسعا .
2)  صلاحية المنشأة للملاحة البحرية : لكي تكتسب السفينة الوصف القانوني و تخصص للملاحة البحرية لابد من أن تتوفر لديها كل الإمكانيات و أن يتم بناؤها و تجهيزها بحيث تكون صالحة لهذه الملاحة أي قادرة على مواجهة مخاطر الملاحة في البحر ، وصلاحية السفينة للملاحة البحرية هي التي تحدد من الناحية القانونية بدء حياة السفينة و نهايتها ، فهي تعتبر سفينة من الوقت الذي تكون فيه صالحة للملاحة البحرية و تفقد وصف السفينة حين تصبح غير صالحة لهذه الملاحة ، أي عندما تصير حطاما ، ففقدان السفينة صلاحيتها للملاحة أو تحولها إلى حطام يزيل عنها وصف السفينة و يخرجها من نطاق القانون البحري[10].
3)   القيام بالملاحة البحرية على وجه الإعتياد : بالنسبة لضرورة توافر صفة الإعتياد ، فيتعلق بالنشاط البحري الغالب الذي تمارسه السفينة ، إذ أن السفينة التي تقوم عادة بالملاحة البحرية ، إذا قامت استثناء بالملاحة النهرية لا يؤثر ذلك على صفتها ، كما أن المركب النهري إذا قام استثناء

...........................................
[10] حسين الماحي، القانون البحري ، دار النهضة العربية ، مصر ، 2003 .
بالملاحة البحرية لا يعتبر بسببه سفينة ، لأنه لم يخصص لهذا النوع من الملاحة على وجه الإعتياد ، وتفقد السفينة وصفها منذ الوقت الذي تصير فيه غير صالحة للملاحة على وجه البحرية بإرادة مالكها ، كما لو قرر بيعها أو تحويلها إلى فندق عائم مربوط على الرصيف ، إلى غير ذلك من الحالات .
   ويعتر في حكم السفينة كل توابعها اللازمة لملاحتها واستغلالها ، إذ تكون معها وحدة قانونية متكاملة ، و لذلك ينصرف مفهوم السفينة إليها أيضا إلا إذا ورد إتفاق صريح بفصلها عنها ، و يتعلق الأمر بكل التوابع أيضا ، حيث نص عل أن التوابع الضرورية لإستغلال السفينة تعتبر جزءا منها أي أنه إعتبر تلك الضرورية منها للإستغلال فقط . و بالتالي لم يأخذ بفكرة اعتبارها ملحقات كما يقول بذلك الفقه إذ هي السفية نفسها [11]  .






........................................................................





المبحث الثاني : الطبيعة القانونية للسفينة


-المطلب الأول .: السفينة كمال.
-المطلب الثاني : شخصية السفينة .









 -  المبحث الثاني : الطبيعة القانونية للسفينة

  تعد السفينة حقيقة قانونية متكاملة ذات تكوين معقد ، حيث نجد من جهة هيكل السفينة  و نجد من جهة أخرى ملحقاتها و عتادها التي تدعم الذاتية الخاصة للسفينة لهذا يتعين علينا تحديد الطبيعة القانونية للسفينة ، فهل تعتبر مالا منقولا بإعتبار أنها تنتقل و تتنقل في المكان دون تلف أو تغيير ؟ و إذا كان الجواب بالإيجاب ، إذا فهل تعتبر مالا منقولا يخضع لقاعدة "الحيازة في المنقول سند الملكية " أم أنها مال عقار يخضع لقاعدة "التسجيل سند الملكية " ؟ ثم هل تعتبر هذه السفينة شخصا ، -على الأقل بحكم القانون – بإعتبار أنها تمر بجميع مراحل الحياة من ولادة و دينامكية الشباب و شيخوخة و موت مع توفرها في كل هذه المراحل على هوية و ذاتية مستقلة بل و شخصية قانونية أساسها الحالة المدنية الشبيهة بتلك التي يتمتع بها الأشخاص عموما ؟ أم أنها تعتبر  في نفس الوقت مالا و شخصا و مالا منقولا و عقارا يكسبها ذاتية خاصة ؟ ثم هل معنى هذا أنها تتوفر على شخصية معنوية و إعتبارية ؟
   كل هذه التساؤلات ستحاول الباحثة معالجتها من خلال تقسيمها لهذا المبحث إلى مطلبين ، ستطرق الباحثة في المطلب الأول للسفينة كمال ثم في المطلب لثاني لشخصية السفينة .




-  المطلب الأول .: السفينة كمال.
    تقسم القوانين المدنية الأموال إلى منقول وعقار . وأساس التفرقة بين النوعين هي إمكانية النقل دون تلف , فما يمكن نقله دون تلف فهو منقول وما عدا ذلك فهو غير منقول ولكل منها أحكام تختلف جوهرياً عن أحكام النوع الآخر                         والسفينة تعتبر من الأموال لأنها يمكن أن تكون محلاً للحقوق المالية ولا تخرج عن التعامل بطبيعتها أو بحكم القانون                         
  فبالنظر إلى التشريع التقليدي ، نجده قد كرس الطابع المنقول للسفينة مع إعتبارها عند الحجز القضائي بمثابة عقار ، ونذكر من هذه التشريعات المادة 1 من الجزء العاشر من الكتاب الثاني من مدونة 1681 ، و مجموعة الأعراف و العادات البحرية ، أعراف كالي ، و المادة 519 من الأعراف النورماندي ، أما بالنسبة للفقه التقليدي ، فقد إعتبر السفينة بمثابة عقار يحق لكتلة الدائنين المرتهنين تبع هذه السفينة و التنفيذ عليها أو على أي عقار أخر ملوك للمدين ، بحيث نجد فالين يضيف بأنه رغم الطابع المنقول للسفينة فإننا ندرك بأنها ليست سندا قابلا للتداول ، كما هو الشأن بالنسبة للكمبيالة أو سند لأمر ، كما ذهب الفقيه بونيكاز إلى إعتبار السفينة بمثابة عقارات البحر impalement de mere  .
 أما على مستوى التشريع الحديث الداخلي ، فلم يجد صعوبة كبيرة ، بحيث ذهب أغلب  رجال القانون بإعتبارها منقولا من نوع خاص ، و أن ما ورد من أحكام تخالف أحكام المنقول يعتبر إستثناءا . [12]
...............................................................................................................
[12] د. إدريس الضحاك ، قانون الملاحة البحرية الخاصة بالمغرب ، ط1، 1989.منشورات عكاظ ص 105.

        وتقضي المادة 62/1 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 بــــــــــأن ( العقار كل شيء له مستقر ثابت بحيث لا يمكن نقله وتحويله دون تلف ..) وذهبت المادة 62 / 2 إلى أن ( المنقول كل شيء يمكن نقله وتـــــحويله دون تلف ...) . وعملاً بأحكام المادة 62 فأن السفينة تعتبر مالاً منقولاً لأنها ليست من الأشياء التي لا يمكن نقلها دون تلف بل إنها بطبيعتها صنعت قابلة للحركة والانتقال    وقد نصت القوانين البحرية العربية صراحة على اعتبار السفن من الأموال، وهذا ما نصت عليه المادة / 4 من القانون البحري العراقي ( كل أنواع السفن من الأشياء المنقولة ... ) ، وعلى الرغم من أن السفن من المنقولات بطبيعتها إلا إنها تقترب من العقار في بعض الوجوه منها: [13]
1) -لا تجب الكتابة في العقود التي تقع على المنقولات . إلا أن السفن لا يمكن إيقاع أي تصرف ناقل لملكيتها إلا بالتسجيل                        .
2)
 -الحيازة في المنقول سند الملكية ,إلا إن السفن وان كانت من الأموال المنقولة إلا إن حيازتها ليست دليل على ملكيتها ، بل يجب إثبات الملكية بموجب سند رسمي صادر من الدائرة المكلفة بالتسجيل يسمى "شهادة تسجيل السفينة " كما هو الحال في العقارات
3)  -إجراءات حجز السفينة تماثل إجراءات حجز العقارات                 .  4) -رهن السفينة يجب أن يكون رسميا ويؤشر في السجل الخاص بتسجيل السفن في ميناء التسجيل كما في العقارات.

.......................................................................
[13] د.فريد الحاثمي ، الوسيط في القانون البحري المغربي ، ط1،  2000..
وللسفينة حالة مدنية شبيهة بالحالة المدنية للأفراد "الأشخاص الطبيعية " كما يجب على كل سفينة أن تكتسب جنسية دولة ما وتترتب لها حقوق وعليها التزامات تجاه الدولة التي منحتها الجنسية .
   وهذا الرأي الذي ذهب إليه المشرع المغربي في فصل 67 من قانون التجارة البحري المغربي  و الذي تماشى فيه مع المنهجية القانونية التي إعتمدها الكتاب الثاني من هذا القانون التجاري الفرنسي ، و تقول المادة 67 من القانون البحري المغربي "السفن أموال منقول خاضعة لقواعد القانون العادي مع مراعاة القواعد الخاصة الواردة فيما بعد"
          ومنه فالسفينة هي مال منقول لكونها معدة للزحف و السير في البحر دون تلف و أنها مخصصة لإستعمال غير عادي يتمثل في الملاحة البحرية و خصوصيات المجال الذي تمارس فيه ، بخلاف الأموال العقارية التي تتمتاز بالثبات و الإستقرار ، إلا أنه و نظرا لإعتبارات أمنية نجد أن المشرع خصها بمقتضيات قانونية مستوحاة من أحكام العقار ، دون أن يغير ذلك في طبيعة السفينة المنقولة و المتحركة .  و يمكن تلخيص هذه القواعد الخاصة فيما يلي : [14]
     1-نقل ملكية السفينة :
   عكس الأموال المنقولة التي يكفي فيها تطابق إرادة الأطراف و التي تخضع لقاعدة "الحيازة في المنقول سند الملكية "فإن السفينة يتعين لزوما القيام ببعض
............................................................................
[14] د.طالب حسن موسى، القانون البحري ط1 2004.
 الإجراءات الرسمية الشبيهة بتلك المعروفة في المادة العقارية و المتمثلة في شرط الكتابة –السند المكتوب- و إجراءات قيد عقد البيع بسجل القيد المثبت لملكية السفن، و ذلك ما أكده المشرع المغربي في الفصل 72 من ق البحري المغربي .
  2- التأمينات العينية على السفينة :
    لقد إعترف المشرع الوطني و الدولي لكتلة الدائنين المرتهنين و الممتازين ببعض الضامانات العينية على السفينة و حطامها ، و التي تمثل بالخصوص في حق الأولوية و التتبع بل و أيضا في حق المطالبة بحفظ الضمان على الأقل في الرهن البحري ، و ذلك بمقتضى قواعد خاصة نظرا لأهمية الخدمة التي يقدمونها للسفينة أثناء مزاولتها للملاحة التي أرصدت لها و كلما كانت بحاجة ماسة إلى تدخل هؤلاء الدائنين الفصل الثاني من الكتاب الثاني من القانون التجاري[15] .
    3 – الحجز التنفيذي و البيع القضائي للسفينة :
   خلافا للمشرع العقاري الذي إعترف ببعض الضمانات العينية على العقار للدائنين الممتازين  و المرتهنين فقط (الرجوع إلى المادة 469 من قانون المسطرة المدنية المغربي ) فإن المشرع البحري إعترف بالضمانات العينية لسفينة ليس فقط للدائنين الممتازين و المرتهنين بل حثى للدائن العادي ، و ذلك حين تعنت المدين أو تخلفه عن الوفاء بالدين المترتب في ذمته .

......................................................................
[15] عقلة السفن، أعمال فضاء قانوني نظمه مركز الدراسات القانونية و القضائية بوزارة العدل و محكمة الإستئناف بسوسة بالإشتراك مع الهيئة الوطنية للمحامين (تشريع)تونس ديسمبر 1995..
   4 – تحديد مسؤولية مالك السفينة :
  لقد قرر المشرع الوطني و الدولي لعدة إعتبارات منح مالك السفينة حق الإستفادة من نظام المسؤولية المحدودة في مواجهة كتلة الدائنين .
   أما بالنسبة للعتاد و العدة سواء مرتبطة ماديا بجسم السفينة أو غير مرتبطة به، منقولات قابلة للفصل ماديا عن السفينة على سبيل المثال : ( البوصلة و المراسي و الأشرعة و المقود و السلاسل و أجحهزة الراديو ...) و التي إعتبرها القانون الروماني بمثابة أعضاء جسم السفينة قياسا على على الجسم البشري ، و عليه فهذه الملحقات أو التجهيزات تعتبر لازمة و ضرورية لكي تستعمل بصورة مستديمة فيما خصصت إليه هذه السفينة ، و بالتالي تشكل مع قفص السفينة نفس الوعاء عند البيع و الرهن و الحجز و التأمين و قرض المخاطرة الجسيمة ما لم يتم الإتفاق على خلاف ذلك . و تعتبر حالة تخصيص السفينة هذه المنقولات لخدمة السفينة بمثابة "المنقول بالتخصيص"[16] ، و هذا ما جعل المنقول الأول يفقد هويته الخاصة لينصهر مع السفينة و يشكل معها نفس الوعاء و يخضع بالتالي لنفس أحكامها .



......................................................................
 [16] ثروت عبد الرحيم ، شرح القانون البحري السعودي، الناشر عمادة شؤون المكتبات، جامعة الملك سعود ، المملكة العربية السعودية .ص45.
  -  المطلب الثاني : الحالة المدنية للسفينة
   تنفرد السفينة عن سائر الأموال المنقول منها وغير المنقول بحالتها المدنية المشابهة للحالة المدنية للشخص الطبيعي ، فللسفينة اسم وموطن وسجل يماثل السجل المدني للأفراد يؤشر فيه أي متغير يطرأ على حالة السفينة ويثبت فيه اسمها و تاريخ بناءها وصنفها ومقدار حمولتها واسم المالك وما إلى ذلك من أوصاف تميز السفينة عن غيرها من السفن .و رغم كون السفينة عبارة عن جماد فإنها مع ذلك تتمتع بنوع من الحياة نتيجة حركيتها و ديناميتها ، ومن هنا يمكن مقارنتها بالمدينة المتحركة التي تتمتع بنوع من الحياة الخاصة ، فالسفينة تتمتع بذاتية و هوية مستقلة بمرورها من مراحل شبيهة بالمراحل التي يمر بها الإنسان و التي تتمثل في مرحلة الجنين التي تبتدئ بأوراش البحرية و هي في طور البناء ، تم مرحلة الشباب و التي من خلالها تمارس نشاطا معين حسب الفئة التي تنتمي إليها السفينة ، فقد تكون السفينة تجارية أو سفينة صيد بحري ...
     أما المرحلة الأخيرة  هي  مرحلة هرم  و الموت و  تكون عن  طريق  بيعها  للأجنبي  رضائيا  أو  جبريا   و التشطيب عليها من سجل القيد الوطني أو على الأقل أنها سوف تصبح في حالة عجزها الشيء الذي يستلزم معه التصريح بعدم صلاحيتها للملاحة ، أو بصورة عنيفة و مفاجئة كما لو تحولت إلى حطام على إثر تصادم بحري ، ورغم ذلك فإن السفينة لا يمكن الاعتراف لها بالشخصية الإعتبارية أو المعنوية على غرار ما نعرفه بالنسبة للشركات التجاري ، فرغم شبهها الكبير بالشخصية الطبيعية من حيث القدرة على الحركة و توفرها على الجنسية و غيرها من الأوراق الثبوتية ، و أنها شبيهة بالشخص المعنوي من حيث أنه يعيش و يعمل على ظهرها جماعة من البشر بقصد عوض شركة التجهيز ، فإنها يستحيل على هذه السفينة التقاضي أمام القضاء أو بعبارة أخرى فإن السفينة بالرغم من أنها محل للحقوق فإنها لا تمارس هذه الحقوق شخصيا [17] .
   وقد جرى التعامل مع السفينة كشخص قانوني فيقال مسؤولية السفينة أو أن السفينة دائنة أو مدينة ، وحتى التشريعات تورد مثل هذه التعابير مثل المادة / 4 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة 1925 والمادة /4 من المعاهدة الخاصة بقواعد التصادم البحري لعام 1910 والمادة /8 من قانون الإرشاد في ميناء الإسكندرية رقم 26 لسنة 1989 .
 
أولا- اسم السفينة:                      يجب أن تحمل كل سفينة اسما خاص بها يميزها عن باقي السفن ومالكها هو الشخص المكلف باختيار اسم لها عند تسجيلها ويجب أن يثبت الاسم في مقدمة بدن السفينة من الجانبين وفي المؤخرة . ولا يجوز تغيير اسم السفينة إلا بإشعار الدائرة المختصة بالتسجيل حفاظا على حقوق الغير الذين ترتبت لهم حقوقا على السفينة.
  وعند تشابه اسمي سفينتين أو أكثر وكانت هذه السفن مسجله في موانئ مختلفة فان هذا التشابه لا يثير مشكلة لان التمييز بينهما يكون عن طريق اسم ميناء التسجيل . أما أذا تشابه اسم سفينتين أو أكثر وكانت مسجلة في ميناء واحد فيجب التمييز بينهما بأرقام متسلسلة تلحق بالاسم مثل (نور 1 و نور2 وهكذا   )      .




.................................................................................
[17] د. إدريس الضحاك، قانون الملاحة البحرية الخاصة بالمغرب ، ط1،  1989 منشورات عكاظ .
وليس لمالك السفينة حق ملكية على الاسم فإذا شطبت السفينة من السجل أصبح اسمها مباحا يحق لأي شخص استعماله . [18]

ثانيا-موطن السفينة:       هو الميناء الذي سجلت فيه ولا يجوز أن تسجل السفينة في أكثر من ميناء في وقت واحد . ويجوز استغلال السفينة في غير ميناء التسجيل بل حتى في موانئ دولة أخرى .ويجب التمييز بين ميناء تسجيل السفينة وميناء الاستغلال وموطن الجنسية. موطن السفينة هو ميناء التسجيل إما ميناء الاستغلال فهو الميناء الذي تمارس السفينة فيه عملها وليس بالضرورة أن يكون موطن السجيل هو موطن جنسية السفينة ،فقد تسجل السفينة في ميناء دولة ما لكنها تحمل جنسية دولة أخرى وان كان الشائع اتحاد الاثنين . وتذهب القوانين البحرية إلى أن التسجيل شرط لاكتساب جنسيتها . وهناك العديد من البيانات التي تطلبها إدارة الموانئ من مالكي السفن كي يتم تسجيلها لديها. ومنها :
1-
-اسم السفينة الحالي (والسابق إن وجد)  .
2-
 -ميناء التسجيل الحالي( السابق إن وجد ).
3-
 -تاريخ ومكان البناء .
4-
 -نوع السفينة .
5-
 -أبعاد السفينة (طول ،عرض ، عمق.
.........................................................................
 [18] د-فريد الحاثمي ، الوسيط في القانون البحري المغربي ، ط1، 2000
6- -مقدار حمولة السفينة الإجمالية والصافية .
7-
-اسم ولقب ومهنة وموطن وجنسية المالك .
8-
-بيان حصة كل من المالكين في حال تعددهم .
9-
-الحقوق العينية والحجوزات المترتبة على السفينة .وتشترط بعض الدول في تشريعاتها البحرية تقديم طلب التسجيل خلال فترة محدودة من تاريخ البناء أو التملك. وتعطي بعض القوانين لهيئاتها الدبلوماسية في الخارج (مكان بناء السفينة أو شراءها ) صلاحية منح السفينة شهادة مؤقتة تخولها رفع العلم الوطني للقيام برحلة مباشرة إلى احد موانئها ريثما يتم تسجيلها. ويترتب على مالك السفينة جزاءات حددتها التشريعات البحرية في حال سماحه بإبحار سفينته قبل تسجيلها . [19]

ثالثا-حمولة السفينة:                                 تختلف السفن في حجمها وإبعادها وبالتالي تختلف قدرتها على استيعاب الحمولات ، وتقاس الحمولة بالطن الحجمي والحمولة نوعان إجمالية وهي مجموع فراغ السفينة بكاملها ، وصافية وهي مجموع البضائع التي تستطيع السفينة حملها فعلا . أي إنها الحمولة الإجمالية مطروحا منها فراغات أماكن إقامة الطاقم وأماكن المحركات وغيرها                .   وتبرز أهمية حمولة السفينة عند تقدير الرسوم المفروضة عليها مثل رسوم الإرشاد البحري ورسوم إشغال أرصفة الموانئ واحتساب أجرة السفينة . وتحديد الحمولة من شروط تسجيل السفينة . [20]
.......................................................................................................
[19] د- إدريس الضحاك، قانون الملاحة البحرية الخاصة بالمغرب ، ط1، 1989 منشورات عكاظ .
[20] -راجع محاضرات القانون العقاري ، إعداد د/ عبد الحق صافي سنة 2009/2008.
رابعا-درجة السفينة:                       تصنف السفن تبعا لطريقة بناءها ومواصفاتها البحرية وعمرها ومدى استيفاءها لشروط السلامة إلى درجات فقد تكون السفينة من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة وهكذا . وتختص هيئات عالمية بتحديد درجة كل سفينة وتسمى " هيئات تصنيف السفن " وأشهرها ثلاثة "لويدز الانكليزية وفير تاس الفرنسية وأمريكا بوريو أوف شبنك الأمريكية. 
وتعطى السفينة شهادة بدرجتها بعد الكشف عليها من أحدى هيئات التصنيف ، ويعاد الكشف دوريا على السفينة للتثبت من استحقاقها للدرجة . كما يعاد الكشف على السفينة بعد الحوادث لنفس الغرض .ولتصنيف السفن بهذه الطريقة أهمية كبيرة في قيمتها عند البيع وعند احتساب بدل إيجارها أو قيمة التامين ، وكذلك صلاحيتها لخطوط شحن معينة . [21]

خامسا-جنسية السفينة  :
     تكتسب السفينة جنسية الدولة التي تنتمي إليها وتجمع التشريعات البحرية على وجوب تمتع السفينة بجنسية دولة ما ولكل دولة أن تضع من شروط اكتساب جنسيتها ما يضمن مصالحها ومصالح رعاياها . ويؤكد الكثير من الفقهاء على وجوب توفر رابطة حقيقية بين الدولة والسفينة حتى تكتسب جنسيتها وتتمثل هذه الرابطة في أن السفينة تمثل هيبة الدولة إثناء رحلاتها في البحار أو موانئ الدول الأخرى كما أن قانون الدولة يبقى ساريا على ما يحدث في السفينة من وقائع قانونية سواء في أعالي البحار التي لا تخضع لسلطان أي فانون وطني أو في الموانئ الأجنبية                               
......................................................................
[21] د. عبد العزيز توفيق : القانون البحري المغربي مع أخر التعديلات ، سلسلة النصوص التشريعية المغربية
وجاء في المادة / 90 من اتفاقية قانون البحار لعام 1982 أن لكل دولة ساحلية أو غير ساحلية الحق في تسيير سفن تحمل علمها ويجب على هذه السفن أن تحمل من الوثائق والأوراق ما يثبت جنسيتها وان تكون هذه الوثائق صادرة من الدولة صاحبة العلم . وقد أعطت الاتفاقية للدول الأعضاء الحق في تحديد شروط منح الجنسية . وتختلف هذه الشروط من دولة إلى أخرى ومن هذه الشروط:
-1شرط البناء الوطني                  :هذا الشرط تضعه الدول التي تملك المقدرة على صناعة السفن لحماية الصناعة الوطنية . أما الدول التي ليس لها المقدرة على ذلك فلا تشترط مثل هذا الشرط.
 -2
أن تكون السفينة مملوكة بالكامل أو بجزء منها لرعايا الدولة               :
  
تشترط جميع القوانين البحرية العربية أن تكون السفينة مملوكة بالكامل أو بجزء منها لمواطنيها لكي تمنحها الجنسية . وذلك لحصر حمايتها على المصالح الوطنية فقط .
-3 أن يكون ربان السفينة وضباطها وطاقمها أو بنسبة منهم من رعايا الدولة :-تشترط بعض الدول هذا الشرط عندما تتوفر لديها أعدادا كافية من رعاياها لديهم المهارات والخبرات المطلوبة للعمل على السفن ، لتوقير فرص العمل لمواطنيها. وتشترط بعض الدول أن يكون جميع العاملين على السفن التي تحمل علمها من الوطنيين ، بينما تذهب دول أخرى إلى أن يكون الربان والضباط ونسبة معينة على الأقل من الطاقم من الوطنيين وتختلف هذه النسبة من دولة إلى أخرى . [22].






..................................................................................................................
وفي فرنسا فقد حدد قانون الجمارك الصادر عام 1948 شروط اكتساب السفينة للجنسية الفرنسية بالشروط التالية                   :
 -
ا- أن يكون نصف السفينة مملوك لفرنسيين                 .ب- أن تكون السفينة قد بنيت في فرنسا آو دفعت عنها رسوم الاستيراد المقررة إذا كان بناءها في الخارج                                   .ت-أن تكون نسبة من بحارتها من الفرنسيين على أن تحدد هذه النسبة من قبل وزير التجارة .ثم أقرت هذه الشروط بالقانون الصادر في 3 / كانون الثاني/7 196 .
أما في بريطانيا فكان قانون سنة 1894 في المادة الأولى يشترط لمنح الجنسية البريطانية للسفينة:
1  -أن تكون السفينة مملوكة بالكامل لمن يحمل الجنسية البريطانية              
 -2
أن تكون قد سجلت وفق أحكام القانون                 .وهذا ما نص عليه قانون السفن التجارية لسنة 1924 . [23]
سادسا-رفع علم الدولة:
وكإثبات لجنسية السفينة فان عليها رفع علم الدولة التي تحمل جنسيتها . كما عليها أن تحمل من الوثائق ما يؤيد جنسيتها . والسفينة التي لا تحمل علما يدل على جنسيتها تعتبر من سفن القرصنة ويحق لأي سفينة حربية تصادفها في أعالي البحار أن تطلب منها بيان جنسيتها ، وعليها أن تبادر فورا إلى رفع العلم وإلا أصبح من حق السفينة الحربية زيارتها أو مطاردتها للتحقق من جنسيتها وتطبيق القانون بحقها متى ثبت أنها سفينة قرصنة كما لا يسمح للسفينة التي لا تحمل علما أن تدخل أو تمر بالمياه الداخلية أو البحر الإقليمي لأية دولة ويحق
..........................................................................
[23] د فريد الحاتمي ، الوسيط في القانون البحري المغربي ، طب1، 2000
لسلطــــــات هــــذه الدولــة أن تمنعها.   أما إذا ثبت أن السفينة تحمل علم دولة لا تحمل جنسيتها فقد ذهب قانون التجارة البحرية البريطاني الصادر عام 1894 إلى الحق بمصادرة هذه السفينة ما لم يثبت إنها لجأت إلى رفع العلم البريطاني وقاية لنفسها من الاعتقال من قبل سفينة أخرى معادية عند الحروب. [24]
سابعا-السفينة تحمل علم دولتين:   أما إذا كانت السفينة تحمل علم دولتين فقد قضت المادة 92/2 من اتفاقية قانون البحار لعام 1982 باعتبارها سفينة عديمة الجنسية ولا يحق لها التمسك بجنسية أيا من الدولتين صاحبتي العلم . وتورد التشريعات الوطنية نصوصا صريحة بعد جواز رفع علمها من قبل أية سفينة لا تحمل جنسيتها . وتأتي أهمية اكتساب السفينة لجنسية دولة ما من عدة أمور منها
-1 إن الدولة تمنح السفن التي تحمل جنسيتها بعض الامتيازات التي تحجبها عن السفن الأجنبية مثل حصر حق الصيد في السواحل وحق الملاحة التجارية الساحلية وقطر السفن والإرشاد والنزهة . كما تقدم بعض الدول إعانات مالية لسفنها .
2
 -تتمتع السفن بحماية الدولة صاحبة الجنسية في زمن السلم والحرب . إذ تخضع السفن في أعالي البحار لسلطة الدولة صاحبة العلم ولا يجوز لأية دولة فرض سلطتها على سفن تحمل علم دولة أخرى ، وهذه القاعدة مطلقة بالنسبة للسفن الحربية لأنهل تمثل سيادة الدولة كاملة ، وكذلك بالنسبة للسفن العامة غير الحربية التي لها نفس حصانة السفن الحربية استنادا لحكم المادة / 96 من اتفاقية 1982[25]



.......................................................................
[24] د-محمد الحاج حمود :  القانون الدولي للبحار ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، عمان 2011.
 [25]  د- إبراهيم محمد الدغمة : القانون الدولي الجديد للبحار ، دار النهضة العربية ، القاهرة 1983.
ثامنا-السفن الخاصة:
     أما السفن الخاصة فان هذه القاعدة تخضع لبعض القيود العرفية والاتفاقية، حيث نصت المادة / 92 من اتفاقية 1982 على " تبحر السفينة تحت علم دولة واحدة فقط وتكون خاضعة لولايتها الخالصة في أعالي البحار إلا في حالات استثنائية منصوص عليها صراحة في معاهدات دولية أو في هذه الاتفاقية ..."والاستثناءات التي أجازت الاتفاقية لغير دولة العلم فرض سلطتها على السفن الخاصة هي القيام بإعمال القرصنة وحق المطاردة الحثيثة للسفن التي تنتهك قوانين الدولة الساحلية وحق الزيارة للسفن التي يثور الشك بكونها سفن قرصنة وقيام السفينة بالبث الإذاعي غير المصرح به أو قيامها بنقـــل الرقيـــق والاتجــــار غيــر الشرعــــــــي بالمخدرات . [26]
    أما في زمن الحرب فأن جنسية السفينة تحدد واجباتها وحقوقها ، إذ تتحول السفينة الخاصة إلى سفينة حربية وتشارك في المجهود الحربي أحيانا . كما يجوز خلال الحرب الاستيلاء على سفن الدول المعادية باعتبارها غنائم حرب ، أما سفن الدول المحايدة فلا يجوز اغتنامها أو الاعتداء عليها إلا إذا قامت بتهريب مواد إستراتيجية لدولة معادية .
ويحق للسفن أن تطلب تدخل الدولة لحمايتها عن طريق سفارتها أو قنصليتها فــــي الخارج وعليها أن تلتزم بالأوامر والتعليمات الصادرة إليها مـن هــذه الهيئـــــــات الدبلوماسية .
3  -تحديد القانون الواجب التطبيق على ما يحدث على ظهر السفينة من وقائع :إذ تخضع جميع الوقائع القانونية التي تقع على ظهر السفينة الحربية والسفن العامة
.................................................................................
[26] د-بودبزة جهيدة:الأبعاد الإنمانية لقانون البحار الجديد لسنة 1982 ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة الجزائر كلية الحقوق . السنة الجامعية 2003/2004.
المستخدمة لإغراض غير تجارية لقانون دولة العلم وان كانت في المياه الإقليمية لدولة أجنبية ، حيث أعطت المادة /32 من اتفاقية قانون البحار لهذه السفن حصانة كاملة تمنع تدخل قوانين الدولة الساحلية في شؤونها         . أما بالنسبة للسفن الخاصة والسفن الحكومية المستخدمة لأغراض تجارية فقد ميزت الاتفاقية بين الولاية المدنية والولاية الجزائية . [27]

تاسعا-الولاية المدنية:
ذهبت المادة /28 من الاتفاقية إلى منع تدخل قانون الدولة الساحلية في شؤون السفن الأجنبية المارة ببحرها الإقليمي أو الراسية فيه إلا في حالتين : 1- توقيع إجراءات التنفيذ لغرض أية دعوى مدنية ضد أية سفينة أجنبية راسية في بحرها الإقليمي أو مارة خلاله وذلك وفق قوانينها الداخلية.
2  -توقيع إجراءات التنفيذ ضد السفينة الأجنبية لغرض أية دعوى مدنية تتعلق بالالتزامات التي تتحملها السفينة أو المسؤوليات التي تقع أثناء رحلتها خلال المياه الداخلية للدولة الساحلية أو لغرض تلك الرحلة .
عاشرا-الولاية الجنائية:
عالجت هذا الموضوع المادة / 27 من الاتفاقية والتي حددت تدخل قانون الدولة الساحلية في الوقائع الجنائية التي تقع على ظهر السفينة الأجنبية بالحالات التالية :1- إذا امتدت نتائج وآثار الجريمة المرتكبة على ظهر السفينة إلى إقليم الدولة الساحلية .


..............................................................................
[27] د-محمد رفعت عبد المجيد، المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحار - القاهرة - دار النهضة العربية 1982.

2-إذا أدت الجريمة المرتكبة إلى الإخلال بسلم البلد أو بحسن النظام في البحر الإقليمي . 3-إذا طلب ربان السفينة أو الممثل الدبلوماسي للدولة مالكة السفينة تدخل الدولة الساحلية . 4-إذا كان تدخل الدولة الساحلية ضروريا لمكافحة الاتجار غير الشرعي بالمخدرات أو المواد المؤثرة على العقل [28].





















............................................................................
[28] د- جلال عبد الله معوض، ، الأبعاد الإنمائية لقانون البحار الجديد ومصالح بلدان العالم الثالث والبلدان العربية, مقال منشور في مؤلف بعنوان " قانون البحار الجديد والمصالح العربية " تونس، مطبعة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم،1989.

الخاتمة:
    عرف الإنسان الملاحة البحرية منذُ العصور القديمة‘ولم تكن هنالك نصوص تشريعية تحكم الملاحة في هذه العصور، بل كانت تعتمد على العادات والتقاليد السائدة بين رجال البحر وعلى ظروف الملاحة البحرية.  حيث تعتبر العادات والتقاليد والأعراف هي المصدر الأساسي والسابق على قيام التشريعات، حيث وضعت التشريعات بناءً على العادات والتقاليد والأعراف السائدة بين رجال البحر في ذلك الوقت والتي لم تكن مدونه، حيث قامت دول أوربا وعلى رأسها فرنسا بتجميع هذه العادات والتقاليد في تقنين واحد ومن ثم أدرجتها الدول الأخرى في تقنيناتها الداخلية. وإلى الآن تستخدم بعض الأعراف والتي لم يشملها التقنين في الملاحة البحرية.    وأن القانون البحري يتضمن قواعد أكثر من فرع من فروع القانون سواء العام أو الخاص، فهو يقوم بتنظيم الملاحة البحرية وقت الحرب والسلم، ويحدد مناطق البحار الإقليمية وأعالي البحار التي تختلف فيها القواعد القانونية المطبقة على كل منها، والتي تدخل في التقنين البحري الدولي، فنظراً لطبيعة الملاحة البحرية بكونها تتنقل من بين دولة إلى أخرى ومن ميناء إلى أخر ومن مياه إقليمية تابعة لدولة معين إلى مياه إقليمية تابعة لدولة أخرى، فهذه من المظاهر الدولية التي يتميز بها القانون البحري ، والتي تتطلب تنظيمها بين الدول وفقاً للقوانين والاتفاقيات الدولية التي تستمد منها الدول قواعدها لتضعها في تشريعاتها الداخلية.