السبت، 16 مارس 2013

القرار الإداري .. و رؤيتي.


جمهورية كردستان الكبرى
أكـاديـميـــة الــدراســــــات الإستراتيجية والدولية
قسم القانون
http://www.albarzh.com/files.php?file=c7.jpghttp://r17.imgfast.net/users/1711/58/73/07/avatars/gallery/60254810.jpg
الوجيز قي القرار الإداري
Academic researcher M. A. S. Bobbygory
Professor of International Economic Relations
School Strategic and International Studies
2013م.
المقدمة
    يعد القرار الإداري أهم مظهر من مظاهر نشاط وامتيازات السلطة التي تتمتع بها الإدارة وتستمدها من القانون العام، إذ بواسطته تستطيع الإدارة بإرادتها المنفردة على خلاف القواعد العامة في القانون الخاص إنشاء حقوق أو فرض التزامات، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الإدارة المصالح العامة والتي يجب تغليبها على المصالح الفردية الخاصة.
    ومن الأهمية بمكان تعريف القرار الإداري وتميزه عن غيره من الأعمال القانونية الأخرى، مثل الأعمال المادية والأعمال التشريعية والأعمال القضائية، حيث تتداخل هذه الأعمال القانونية السابقة مع القرارات الإدارية، فيصعب أحياناً التفرقة بينهما، ومن هنا تكمن أهمية تعريف القرار الإداري، وهي تفرقة لازمة أيضاَ لتحديد الأعمال التي تخضع لنطاق الرقابة القضائية عن غيرها.
والقرار الإداري باعتباره نشاطاً مهماً من أنشطة السلطة الإدارية، يتكون من عدة أركان وهي ركن الاختصاص والشكل والمحل والسبب والغاية التي تعد جسداً للقرار الإداري. وتمثل أيضاً حدوداً لا يجوز للإدارة مخالفتها وإلا عدت قراراتها مشوبة بعيوب قابلة للإبطال أو البطلان.
وبناء على سبق سوف نقوم بتقسيم خطة البحث كما يلي:
- المبحث الأول: تعريف القرار الإداري والفرق بينه وبين الأعمال القانونية
- المطلب الأول: تعريف القرار الإداري وبيان خصائصه.
  حيث عرف القضاء الإداري الكويتي القرار الإداري نفس تعريف القضاء المصري، فعرف أن (القرار الإداري هو ذلك القرار الذي تفصح الجهة الإدارية عن إدارتها الملزمة في الشكل الذي يتطلبه القانون بما لها من سلطة مستمدة من القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني يكون ممكناً وجائزاً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة) وتكمن أهمية التعريف بأنه عن طريقه يمكن إجراء التفرقة بين القرارات الإدارية من جهة والأعمال الحكومية والأعمال التشريعية والأعمال القضائية من جهة أخرى، وهي تفرقة لازمة لتحديد نطاق الرقابة القضائية على الأعمال العامة، إذ يقتصر هذه الرقابة على الأعمال الإدارية، فلا تمتد إلى غيرها من الأعمال العامة، وبعبارة أخرى يحدد القضاء المختص في نظر الطعون والمنازعات التي يثيرها العمل الإداري والتصدي لمشروعية تلك الأعمال.
فمن خلال التعريف السابق، نستطيع أن نستخلص خصائص القرار الإداري التي تميزه عن غيره من الأعمال الإدارية على النحو التالي:
1 - إن القرار الإداري تصرف قانوني وهو كل تعبير عن إرادة يرتب عليه القانون أثراً معيناً، وبالتالي لا تدخل الأعمال المادية ضمن هذا المضمون، حيث إن هذه الأعمال لا تنشئ ولا تعدل ولا تلغي مراكز قانونية قائمة ن بل إن هذه الأعمال المادية التي تقوم بها إحدى الجهات الإدارية إما أن تكون أعمالاً غير مقصودة مثل الأخطاء التي يرتكبها العاملون أثناء قيامهم بوظائفهم المختلفة، أو أن تصدر عن عمد دون أن تكون تعبيراً عن إرادة الإدارة كالأعمال الفنية التي يقوم بها العاملون لدى الإدارة بحكم قيامهم بوظائفهم والأعمال التنفيذية للقوانين والقرارات.
    وقد ذكرت المحكمة الإدارية العليا الفرق بين القرار الإداري والعمل المادي من خلال تعريفها للقرار الإداري السابق ذكره، فقالت (ويفترق القرار الإداري بذلك عن العمل المادي الذي لا تتجه فيه الإدارة بإرادتها الذاتية إلى إحداث آثار قانونية وإن رتب القانون عليها آثاراً معينة لأن مثل هذه الآثار تعد وليدة الإرادة المباشرة للمشروع وليس وليد إرادة الإدارة الذاتية) وقد طبق القضاء الكويتي نفس المبدأ السابق في التفرقة بين القرار الإداري والعمل المادي حيث قضى ب: (أن القرار الإداري يتميز عن العمل المادي الذي يخرج اختصاص الدائرة الإدارية بان الأول يكون مسبوقاً أو مصحوباً بقصد إحداث تعديل في المراكز القانونية القائمة في حين أن العمل المادي يكون دائماً واقعة مادية أو إجراء مثبتاً لها ولا يقصد به تحقيق آثار قانونية معينة إلا ما كان منها وليد إرادة المشرع مباشرة) والتعبير عن الإرادة قد يكون صريحاً بالكتابة أو بالقول والغالب أو يكون التعبير بالكتابة، ويمكن أن يكون أيضاً التعبير عن الإرادة ضمنياً يستفاد من سكوت الإدارة، ومن تطبيقاته:
قبول الاستقالة التي مضى على تقديمها أكثر من ثلاثين يوماً دون صدور قرار صريح بذلك بقبولها أو رفضها أو إرجاء البت فيها، وكذلك رفض التظلم الذي مضى على تقديمه ستون يوماً دون الإجابة عليه من السلطة المختصة، وكقاعدة عامة يعد في حكم القرارات الإدارية امتناع السلطة عن اتخاذ قرار كان يجب وفقاً للقانون.
2 - صدور القرار الإداري من جهة إدارية ، فالقرار الإداري يتخذ هذه الصفة ويتحدد بالنظر إلى شخص من أصدره ، والإدارة هي التي تصدر القرارات ، وبناء عليه يعد كل شخص من أشخاص القانون العام تنطبق عليه صفة الإدارة يمكن أن يصدر قراراً إدارياً. أما غيرها من الأشخاص الذين لا تنطبق عليهم هذه الصفة لا يمكنهم ذلك.
3 - يصدر القرار الإداري بإرادة منفردة دون اعتداد برضا المخاطبين ، وهذه أهم ميزة للقرار الإداري تميزه عن العقد الإداري ، إذ إن القرار الإداري ينشأ ويكتسب صفته الإلزامية بمجرد التعبير عن إرادة الإدارة دون اعتداد بإرادة الطرف الآخر ، مثال ذلك قرار إداري بهدم منزل آيل للسقوط وتنفيذه أحياناً بالقوة المادية عند رفض مالك العقار.
4 - وإذا كان القرار تعبيراً عن إرادة الإدارة ، فيجب صدوره لمن يملك التعبير عن إرادة الإدارة من أصحاب الاختصاص ، طبقاً للقوانين واللوائح.
5 - ويجب أن يترتب القرار الإداري آثار قانونية ، وتتمثل هذه الآثار في إنشاء أو تعديل أو إلغاء المراكز القانونية ، فيكتسب المخاطبون فيها حقوقاً أو يلتزمون بواجبات ، سواء كان القرار الإداري قراراً تنظيمياً كلائحة المرور ولوائح الضبط أو قراراً فردياً يخص فرداً أو أفراداً معنيين برواتهم ، فينشئ لهم حقاً أو يفرض عليهم التزاماً كقرار تعيين موظف أو منح ترخيص بناء عقار.
وعادة ما يفسر القضاء الإداري فكرة ترتيب الآثار القانونية على صدور القرار الإداري تفسيراً واسعاً. فيكفي أن يمس القرار الإداري مصالح الأفراد أو يؤثر عليهم بطريقة أو أخرى، فالقرار الصادر بتوقيع جزاء الإنذار على فقد قضت محكمة القضاء الإداري في أوضح أحكامها بقولها إنه: (يشترط في القرار القضائي أياَّ كانت السلطة التي تصدره توافر شروط ثلاثة: الأول قيام خصومة بين طرفين، والثاني أن تقوم هذه الخصومة على مسألة قانونية، والثالث أن يكون للقرار عند الفصل في الخصومة قوة الشيء المقضي فيه، وبمعنى أوضح أن يعد عنوان الحقيقة فيما قضى به) وعلى الأساس السابق عد مجلس الدولة المصري أعمالاً قضائية لا يختص بها، الأحكام القضائية، سواء صدرت من جهة قضائية عادية أو استثنائية.
أما بالنسبة للأعمال القضائية التي تصدر من جهات إدارية ذات اختصاص قضائي فإن مجلس الدولة قد أخذ في شأنها بالمعيار الشكلي، وبالتالي أعدها بمثابة قرارات إدارية يجوز الطعن فيها بالإلغاء. وقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في هذا الصدد إلى أن مجلس المراجعة المنصوص عليه في القانون رقم 56 لسنة 1954م في شأن الضريبة على العقارات المبنية: "هو جهة إدارية ذات اختصاص قضائي تصدر قرارات نهائية في التظلمات المقدمة إليها كما ذهبت إلى أن "لجنة مخالفات الري لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي.
غير أن مجلس الدولة المصري في بعض الأحكام، هجر المعيار الموضوعي المجرد والمعيار الشكلي المجرد فمزج بين المعيارين الشكلي والموضوعي، وقد تجلى ذلك في حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بتاريخ 13-12-1954 والذي قررت فيه: "إن شراح القانون العام قد اختلفوا في وضع معايير للتفرقة بين القرار القضائي والقرار الإداري، فمنهم من أخذ بالمعيار الشكلي، ويتضمن أن القرار القضائي هو الذي يصدر من جهة منحها القانون ولاية القضاء. ومنهم من أخذ بالمعيار الموضوعي، وهو ينتهي إلى أن القرار القضائي هو الذي يصدر في خصومة لبيان حكم القانون فيها. بينما يرى آخرون أن يؤخذ بالمعيارين معاً -الشكلي والموضوعي- وقد اتجه في فرنسا ثم في مصر إلى هذا الرأي الأخير، وإن الراجح هو الأخذ بالمعيارين معاً مع بعض الضوابط، وذلك أن القرار القضائي يختلف عن القرار الإداري في أن الأول يصدر من هيئة استمدت ولاية القضاء من قانون محدد لاختصاصها مبين لإجراءاتها، وما إذا كان ما تصدر من أحكام نهائية أو قابلة للطعن، مع بيان الهيئات التي تفصل في الحال الثانية، وأن يكون هذا القرار حاسماً في خصومة أي نزاع بين طرفين، مع بيان القواعد القانونية التي تنطبق عليها ووجه الفصل فيها"
وقد أكدت محكمة القضاء الإداري هذا المعنى في أحكام عدة حين قالت ".. قد استقر رأيها على الأخذ بالمعيارين الشكلي والموضوعي للتفريق بين القرار القضائي والقرار الإداري"
ولأجل ذلك شبه بعض الفقهاء قواعد الاختصاص بقواعد الأهلية، لكن الفارق بينهما يرجع إلى الغاية لكل منهما، فقواعد الاختصاص هدفها المصلحة العامة، بينما قواعد الأهلية هدفها المصلحة الخاصة
وركن الاختصاص يتكون من عدة عناصر موضوعية وزمانية ومكانية وسوف نذكر هذه العناصر بشيء من التفصيل:

أولاً: العنصر الموضوعي:
بموجب هذا يتحدد المجال النوعي الذي يمكن لإدارة أن تتدخل فيه بقراراتها، وهذا المجال يتحدد عادة بما يعد من أعمال الإدارة التي يكون لها أن تتخذ بشأنه إجراءً معيناً، وبناء عليه لا يجوز للإدارة أن تتدخل في الأمور المحجوزة لصالح المشرع واختصاص القاضي.
وفي نطاق ممارسة إدارة من الإدارات لمهامها، ليس لها أن تتدخل في نشاط غيرها الذي لا تختص فيه، فلا يجوز للإدارة المركزية أن تتدخل في أعمال الإدارة اللامركزية، ولا يجوز للثانية أن تتدخل في عمل الأولى، وفي نطاق الشخص العام الواحد تتوزع الاختصاصات أيضاً بين عدة أعضاء لكل عضو عمله الذي يختص به، ففي السلطة المركزية لكل وزير اختصاصات معينة وبالتالي لا يجوز لأي وزير ممارسة اختصاصات غيره من الوزراء.
ولا يغير من طبيعة العنصر الموضوعي، فرض المشرع على بعض الجهات الإدارية استشارة جهات أخرى قبل ممارسة اختصاصات مثل استشارة ديوان المحاسبة أو مجلس الخدمة المدنية باعتبار أن هذه الإدارات جهات استشارة لإدارات الدولة الأخرى في نطاق ما أناط المشرع تلك الإدارات من عناصر موضوعية.
وينتج عن مخالفة قواعد الاختصاص الموضوعي وجود نوعين من العيوب، العيب الأول هو عيب اغتصاب السلطة ومثاله صدور قرار إداري من فرد عادي ليس له أي صفة، وصدور قرار إداري في موضوع من أعمال السلطتين التشريعية والقضائية، أو إصدار إدارة قرار إداري من اختصاص إدارة أخرى وتؤدي هذه المخالفة إلى بطلان القرار الإداري أو انعدامه في حال المخالفة الجسيمة، وقد قضت المحكمة الإدارية العليا المصرية في حكمها الصادر في 29-11-1969 قائلة بأنه: "إذا فقد القرار أحد أركانه الأساسية فإنه يعد معيناً بخلل جسيم إلى حد الانعدام، والاتفاق منعقد على أنه سواء عدا الاختصاص أحد أركان القرار الإداري أم أحد مقومات الإدارة التي هي ركن من أركانه، فإن صدور القرار الإداري من جهة غير منوط بها إصداره قانوناً يعيبه بعيب جسيم ينحدر به إلى حد العدم، طالما كان في ذلك افتئات على سلطة جهة أخرى لها شخصيتها المستقلة. حيث أن هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه إذا كان العيب الذي يشوب القرار ينزل به إلى حد غصب السلطة فإنه ينحدر بالقرار إلى مجرد فعل مادي معدوم الأثر قانوناً لا تلحقه أي حصانة ولا يزيل عيبه فوات ميعاد الطعن فيه"
    ويستثنى من الحالة الأولى صدور قرار إداري من فرد عادي في حال الموظف الفعلي.
أما العيب الثاني فهو عيب الاختصاص البسيط، وهو على نوعين: الأول: عدم الاختصاص الإيجابي وهو الغالب عملياً وذلك بأن يصدر القرار من موظف غير مختص لكونه من اختصاص موظف آخر وقد أكد هذا المبدأ القضاء التجاري الكويتي في حكمه قائلاً: "المقرر أنه إذا أقيم فعندما يتطلب القانون شكلية معينة للقرار الإداري، يجب مراعاة هذه الشكلية والإجراء وإلا عد القار باطلاً لمخالفته قواعد الشكليات، فالقرار الإداري كما هو مذكور سابقاً، إن الأصل فيه حرية الإدارة في التعبير عن إرادتها دونما شكل محدد إلا إذا نص المشرع على خلاف ذلك. فقد يكون القرار الإداري مكتوباً وهو الشائع لمعظم القرارات الإدارية وقد يكون شفهياً، ومن تطبيقاتها الإشارات الصادرة عن رجال المرور إلى قائدي المركبات
  أما بالنسبة لصمت الإدارة فلا يعد قراراً إدارياً طبقاً لقاعدة لا ينسب لساكت قول إلا إذا وجد نص يدل على خلاف ذلك أو كان الإفصاح أمراً واجباً من الإدارة، والمثال التقليدي هو صمت الإدارة في شأن طلب الاستقالة من قبل أحد الموظفين فيعد صمتها قبولاً كالاستقالة خلال ستين يوماً، وينطبق المبدأ أيضاً على تظلم الأفراد من قرار الإدارة خلال ستين يوماً فيعد صمتها أيضاً قراراً برفض التظلم.
والملاحظ أن معظم القرارات الإدارية قد يتطلب المشرع لتمامها وصيرورتها قرارات نهائية إتباع إجراءات معينة، وعندئذ يكون إغفال هذه الإجراءات سبباً للطعن في القرار رغم أن الأصل أن الإدارة غير ملزمة بإتباع شكل معين، والهدف من هذه الإجراءات حماية حقوق وحريات الأفراد من عنت الإدارة.
ومن هذه الأشكال والإجراءات ما يتعلق بشكل القرار ويقصد به المظهر الخارجي للقرار التي توجب القوانين أن يكون فيها، ومنها ما يتعلق بالإجراءات التمهيدية والمدد.
أما ما يتعلق بشكل القرار في حد ذاته أي المظهر الخارجي له من صوره أن يكون مكتوباً، ومن صوره أيضاً تسبيب القرارات الإدارية حيث يشترط القانون أحياناً ذكر سبب القرار في صلبة، وعندئذ يصبح جوهرياً يترتب على إغفاله بطلان القرار الإداري والهدف من التسبيب هو حماية وضمانة للإفراد وذلك بنقل عبء الإثبات على الإدارة خلافاً للمبدأ الذي مفاده أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها.
أما ما يتعلق بالإجراءات التمهيدية والمدد فقد يفرض المشرع إجراءات تمهيدية قبل اتخاذ أي قرار إداري معين، كوجوب إجراء تحقيق قبل المحاكمة التأديبية، أو إصدار قرار تأديبي وإطلاع الموظف على ملفه قبل المحاكمة، وقد يفرض المشرع مدة معينة قبل اتخاذ القرار الإداري مثل منح الموظف المجال للتحقيق مهلة للإطلاع على الملف ومعرفة الأسباب للرد عليها.
ومن الإجراءات الواجب مراعاتها الاستشارة السابقة، حيث يلزم المشرع الإدارة استشارة جهة معينة قبل اتخاذ قرار إداري في أمر معين، ومن أمثلة ذلك عند قيام إدارة من إدارات الكويت إبرام عقد قيمته تزيد على 75 ألف دينار يجب عليها الرجوع إلى إدارة الفتوى والتشريع، كما أن لجنة المناقصات المركزية ملزمة قانوناً بعرض عطاءاتها على الجهة الحكومية طالبة المناقصة للدراسة وإبداء الرأي مع أنها غير ملزمة برأي الجهة الحكومية، ويترتب على مخالفة هذه الإجراءات بطلان القرارات الإدارية.
وقد فرق الفقه والقضاء بين الأشكال الجوهرية حيث بينها البعض بأنها التي تمثل ضمانة لحقوق الأفراد وتلك التي من الممكن أن تغير في ماهية القرار الإداري فيجب على الإدارة احترامها وإلا كان جزاء مخالفتها البطلان.
وقد أكدت هذه التفرقة المحكمة الإدارية العليا المصرية قائلة: "الأصل المسلم به قضاء وفقهاً هو أنه إذا كان نص القانون قد أوجب على جهة الإدارة.
ركن السبب:
    يقصد بتعريف ركن السبب في القرار الإداري بأنه: "حال واقعية أو قانونية بعيدة عن رجل الإدارة، ومستقلة عن إرادته تتم فتوحي له بأنه يستطيع أن يتدخل وأن يتخذ قراراً ما"
وقد أكدت هذا التعريف المحكمة الإدارية العليا في أحكامها باستمرار قائلة: "والسبب في القرار الإداري حال واقعية أو قانونية تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانوني وقد أخذت أيضاً الدائرة الإدارية في المحكمة الكلية بنفس التعريف السابق قائلة: "إن السبب كركن في القرار الإداري هو الحال الواقعية أو القانونية التي تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانوني"
ويتلخص من التعريف السابق أن السبب حال قد تكون واقعية وقد تكون قانونية ومثال الأولى وجود منزل آيل للسقوط فتؤدي هذه الحال إلى تدخل الإدارة باتخاذ قرار بهدم المنزل أو حدوث اضطرابات في الأمن فتتدخل الإدارة بالحفاظ على الأمن. ومثال الثانية وجود وظيفة أو وظائف شاغرة ترغب الإدارة في شغلها وتقديم الطلبات وتوفر الشروط من بعض الأشخاص يجعلها تصدر قراراً بالتعيين. وهكذا، حد الموظفين طلباً للتقاعد يجعل الإدارة تصدر قراراً بإحالته إلى التقاعد. وهكذا ، فلابد أن توجد حال قانونية أو واقعية سابقة على كل قرار إداري وخارجة عنه تسوغ إصداره ، فالسبب عنصر موضوعي خارجي من شأنه أن يسوغ صدور تلك القرارات .
   وقد أكدت هذه القاعد\ة المحكمة الإدارية العليا المصرية بقولها: "أن الجهة الإدارية ليست ملزمة بذكر الأسباب وفي هذه الحال تحمل قراراتها على القرينة العامة التي تقضي بافتراض وجود الأسباب الصحيحة لهذه القرارات وعلى من يدعي العكس إثبات ذلك"
  وهناك فرق بين السبب والتسبيب، إذ أن التسبيب هو ذكر أسباب القرار صراحة، وإن كانت القاعدة العامة كما ذكرنا سابقاً، توجب أن يكون لكل قرار إداري سبب معين، فإن الإدارة غير ملزمة - كأصل عام- بذكر أسباب القرار الإداري صراحة إلا إذا ألزمها القانون بذلك. وعلة ألزم القانون الإدارة بضرورة تسبيب قراراتها فيجب عليها أن تذكر هذا السبب صراحة مثل حال رفض منح تراخيص حمل الأسلحة أو سحبها أو إلغائها، وإن لم تكن الإدارة ملزمة بذكر سبب القرار وذكرته مع ذلك فيتعين أن يكون هذا السبب صحيحاً

   وعلة وجوب أن يكون لكل قرار إداري سبب تراجع إلى طبيعة الدور الذي تقوم به الإدارة باعتبارها إحدى السلطات القائمة بوظيفة من وظائف الدولة، وأن رجل الإدارة عند قيامه بمهامه لا يمارس حقاً بل وظيفة، ومن ثم فهو ملزم أن يعمل في حدودها وفيما يفرضه القانون من قيود، كما أن الهدف الذي يسعى إليه متعلق بالمنفعة العامة.
   وهنالك فرق أيضاً بين سبب القرار الإداري والغاية منه، فالسبب حال توجد عند إصدار القرار فتدفع الإدارة إلى إصداره، أما الغاية فهي ما تسعى الإدارة إلى تحقيقه من إصدار القار، فالمخالفة التي يرتكبها الموظف هي ركن الغاية عيب "إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بالسلطة، ومفهومة أن يستهدف القرار الإداري غرضاً غير الغرض الذي من أجله منحت الإدارة سلطة إصداره، ويعد القرار الإداري باطلاً إذا قصد هدفاً بعيداً عن المصلحة العامة أو الهدف المخصص، وترجع أهمية ركن الغاية إلى كونه يشكل مع ركن السبب ضمانه مؤكدة للأفراد في عدم إمكان قيام الإدارية بمصادرة حقوق الأفراد أو التعسف في استعمال الحق.
ومن صور إساءة استعمال السلطة:
-أن يتوخى مصدر القرار هدفاً لا صلة له بالمصلحة العامة، كأن يسعى إلى تحقيق غرض سياسي أو مذهبي أو بقصد الانتقام، أو الدفاع عن مصالحه الخاصة.
- قد يتخذ القرار لتحقيق مصلحة عامة لكن صورة هذه المصلحة ليست هي التي من أجلها زودت السلطة الإدارية بإمكانية إصدار القرارات ، ومثالها التقليدي أن تستخدم سلطات الضبط الإداري لأغراض غير وقائية النظام العام ولو كانت تلك الأغراض متعلقة بالصالح العام.
- عندما تتخذ الإدارة قراراً يبدو في مظهره الخارجي انه قرار لا شائبة فيه من حيث المشروعية ، لكن الهدف الحقيقي وراءه إسقاط أحكام العدالة ، كما لو صدر مرسوم لائحي يعدل نظام الإدارات بهدف السماح باتخاذ إجراءات فردية مماثلة لقرارات حكم مجلس الدولة بإلغائها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق