الخميس، 22 نوفمبر 2012

التسويق الدولي

جمهورية كردستان ...
Academic researcher M. A. S. Bobbygory
Professor of International Economic Relations
School Strategic and International Studies
2010م

 

مفاهيم أساسية حول التسويق الدولي:
     تعد الدراسة التسويقية أحد الإتجاهات الحديثة في الفكر الإداري, ذلك أنّ التسويق بهتم باتساع الرغبات و الحاجات الإنسانية، و لا يخفي على أحد ما يحظى به التسويق الدولي من اهتمام في ظل المرحلة الراهنة، بحيث يعد التسويق الدولي نشاطا اقتصاديا عالياً، فهو يعني القدرة على فهم الفرص التجارية في الأسواق الخارجيـة، و استيعابها لضمان النجاح و مواجهة المنافسة الدولية.
       كما يشير كذلك إلى عمليات التبادل التي تتم عبر الحدود الدولية، بهدف إشباع الحاجات، والرغبات الإنسانيـة، إلى جانب سعيه من التخفيف من الآثار المتزايدة والناجمـة عن تزايد حـدة المنافسة، وعلى النطـاق الـمحلي و الـدولي.
     وعليه يمكن عرض أهم التعاريف المختلفة للتسويق الدولي, لأنه نقطة البدايـة, في ذكر العلاقات الارتباطية بين كل من التسويق الدولي و التسويق المحلي, التجارة الدولية, التمويل الدولي, و في الأخير نتكلم عن أهمية التسويق الدولي, و أبعاده.
-1-I مفهوم التسويق الدولي:
    يعرفه عمرو خير الدين بأنه:" مصطلح يشير إلى عمليات التبادل التي تتم عبر الحدود الدولية, بهدف إشبـاع الحاجات و الرغبات الإنسانية". [1]
نلمس من هذا التعريف الطبيعة الأساسية للتسويق, فهي لا تتغير من التسويق المحلي إلى التسويق الدولي, إلا أن التسويق الدولي يتم عبر الحدود الدولية, و هنـا وجه الخلاف بينهما, حيث يتطلب التسويق الدولي التعامل في أكثر من بيئـة واحدة, و هذا ما يتيح مشكلات عديدة كتأثير أثر الأحداث الدولية على المؤسسـة, و تعديل سلوكها, لكي يتلاءم مع الثقافات المختلفة, و تحديد ما يرغبه المستهلك.
و يقول كذلك "Allain Ollivier" في هذا المجال " التسويق الدولي هو تلك الأنشطة التي تقوم بها الـمؤسسة لأجل إيجاد علاقة بين الربحيـة و الأسـواق". [2]
إلا أنّ "Allain Ollivier" يقسمه إلى ثلاث خطوات رئيسية: [3]
1- المعرفة الجيدة للأسواق بالملاحظة و التحليل للطلب و المنافسة, الوسطـاء, المحيط القانوني, التقني, الإقتصادي, ...
2- تحديد أو تعريف الغرض التجاري كعمل مستهدف و مختار, و البحث عن أحسن وضعية لسياسة المنتج, السعـر, التوزيع.
3- التسويق الجيد للمنتجات و للخدمات الجيدة لسياسة الإتصال و التوزيع, و حسب "A. Ollivier فهي تعتبر القواعد الأساسية لتسويق.
و يعرفه عمر سلمان :" بالعملية التي يتم من خلالها خلق تمويل تبادل السلع بين المنتج و المستهلك, و التنمية الإقتصادية". [4]
و يتضح جليا من هذا التعريف, أن عمر سلمان يركز على عملية التصدير, باعتبارها جزءاً هامـاً من التسويق الدولي, حيث أن هذه العملية تساهم في توسيع نطاق التجارة الخارجية, و التنميـة الإقتصاديـة.
-2-I مظاهر الارتباط الأولية بين التسويق الدولي, و التسويق المحلي, التجارة الدولية, التمويل الدولي:
1-2-I التسويق الدولي و التسويق المحلي:
فالتسويق الدولي حسب "محمد صديق عفيفي" هو:" تلك الأنشطة التجارية التي توجه انسياب السلع من المؤسسة إلى الزبائن المرتقبين في أكثـر من دولة واحـدة". [5]
و على ضوء ما أشير إليه, فإن هناك تشابه كبير بين التسويق الدولي و المحلي كظاهرة اقتصادية, إلا أنه هناك فرق وحيد هو أن انسياب السلع في التسويق الدولي في أكثر من دولة واحدة, و بالتالي جوهر الإختلاف يكمن في المحيط الذي تتعامل فيه معه, ثقافته, عاداته, أسلوب حياته, رقعته الجغرافية....إلخ.
و حسب الدكتور عبد السلام أبو قحف, فإن" الفرق الوحيد بين مفهوم التسويق الدولي, و مفهوم التسويـق المحلي يكمن في اختلاف موقع أو مكان الممارسة فقط". [6]
2-2-Iالتسويق الدولي و التجارة الدوليـة:
هناك من يعرف التجارة الدولية على أنها تحتوي تبادل السلع فقط, و يعني ذلك "الإستيـراد و التصديـر", إلى جانب كل العمليات الإضافية, كالقروض, التأمينات, و النقل.
و يعرف كامل بكري التجارة الدولية بأنـها " تعني كل العلاقات التي تظهر على المستوى الدولي, فهي ليست خاصة بمنتوج واحد, و لكـن تهدف إلى تنظيم العلاقات بيـن الطرفين, البائـع والزبـون" [7]
من خلال هذا التعريف, يمكن استنتاج الفرق بينهما, فالتجارة الدولية هي عملية شاملة لكل العلاقات على المستوى الدولي, بينما التسويق الدولي هو الأداة التي تستخدم في تحديد و توجيه السلع إلى المستهلكين, فيقوم بعمليات التبادل التي تتم عبر الحدود الدولية بهدف إشباع رغبات المستهلكين, بينما التجارة الدولية أوسع وأشمل من التسويق الدولي,فهي تهتم بكل العمليات التي تظهر على المستوى الدولي كالتأمين, القرض, النقل...
3-2-Iالتسويق الدولي و التمويل الدولي:
بالنسبة للتمويل الدولي, فهو يتكامل مع التسويق الدولي من عدة نواحي أهمها, أنه يقدم المعايير التي تستخدم في تقييم بدائل الاستراتيجيات الدخول للسوق الخارجي, و بالطبع سيكون معدل العائد المتوقع من كل بديل هو أساس اختيار البديل المناسب, و لا شك أن القوة الشرائية للدولة المستوردة هو أحد العوامل التي يؤخذ في الاعتبار عند تقييم هذه البدائل, حيث تمثل نظم النقد الأجنبي و ما ينتج عنها من تحويل أسعار عملة الدولة بعملات الدول الأخرى, أحد البنود المحددة للتكلفة الكلية التي ستتحملها الشركة, و كذلك لمستوى العائد المتوقع و درجة الخطر لكل بديل, و على أساسها, تحدد الشركة مدى دخول السوق الخارجية, و ما هو البديل المناسب لعرض منتجاتها في تلك السوق.[8]
-3-I أهمية التسويق الدولي و أبعاده:
-1-3-I أهميته:
أصبحت الكثير من الدول تهتم بإبرام الاتفاقيات الدولية, بالخصوص في مجال التجارة فيما بينهـا, لتشجيع التجارة الخارجية بشقيها "الاستيـراد و التصديـر", و في هذا الجانب نتناول أهمية التسويق الدولي, و الفوائد التي تعود على الدول من خلاله.
فحسب صديق محمد عفيفي, أن أكثر المكاسب وضوحاً و ايجابية, هو فتح المجال أمام الصناعات التي تتمتع فيا الدولة بمزايـا على قريناتها في الدول الأجنبية. [9]
و يمكن توضيح أهميته في النقاط التـاليـة:
- التصدير أحد الطرق للحصول على العملة الصعبة التي تحتاجها الدول, لاستيراد المنتجات التي تنتجها محليا, و بالتالي فه يعتبر كسباً قوميا واضحاً, كما يؤدي إلى رفع المعيشة و التنمية, و رفع القدرة الشرائية للمستهلكين.
- التسويق الدولي يسمح ببيع فائض المؤسسة إلى الخارج, و خلق فرص للتوظيف, فهو ضرورة حيوية خاصة.
- استفادة الدول النامية من استثمارات الأجنبية المباشرة اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا, رغم أن الدول المستثمرة في الدول الناميـة لا تفعل إلا بمصلحتها الخاصة.
- الإسهام في دعم عجلة التنمية, لأن التسويق الدولي تحتاج إلى مهارات, و يخضع لعدة اعتبارات أخرى.
- التسويق الدولي يساهم في خلق مناصب شغل من خلال التوسع في نشاط المؤسسة, بغية تحقيق أكبر عائد من خلال رفع حجم الإنتاج.
- بناء سمعة جيدة على المستوى المحلي, و الدولي للشركة.
- زيادة رقم أعمال الشركة.
- يساعد في الهروب من حدة المنافسة أو انخفاض الطلب من السوق المحلي.
- المساهمة في تشجيع الإنتاج على نطاق واسع, مما يخلق وفرات كبيرة. [10]
-2-3-I أبعاد عملية التسويق الدولي:
إن العناصر الرئيسية لعملية التسويق الدولي أو عملية التبادل الدولي, هي القدرة على فهم الفرص الخارجية, و استيعابها, و تحديد الفرص المربحة و تحليلها, و كأساس لتصميم استراتيجية المنتجات, و الخدمات, الأسعار, ... لتحقيق أحسن تبادل تجاري. إلا أننا نتساءل عن أوجه التشابه و الاختلاف في أنشطة التسويق الدولي, لأن هناك درجات متفاوتة من الالتزام لغزو الأسواق الدولية. وحسب محمد صديق عفيفي يمكن إدراج أهم أبعاده في النقاط التالية:[11]
1- عدم قيام المؤسسة بأي جهد للبحث عن عملاء لها بخارج الحدود الوطنية, و مع ذلك تبع المؤسسة بعض منتجاتها لعملاء أجانب, و هم الذين يسعون إليها بأنفسهم.
2- عند وجود فائض من الإنتاج بصفة مؤقتة, قد تلجأ المؤسسة لتصريفه في الأسواق الخارجية, دون النيـة في التصدير .
3- تبعاً للمرحلة السابقة, قد تفكر المؤسسة في أن تستمر في محاولات التسويق خارج حدودها الوطنية, لتحقيق عائد أكبر في شكل عقود و صفقات غير منتظمة, بمعنى أن المؤسسة تحاول الحصول على صفقات البيع في الأسواق الخارجية و لكن دون أن يكون لها تمثيل دائم.
4- امتلاك المؤسسة طاقة إنتاجية دائمة, مع استخدامها لوسطاء دائمين للقيام بعمليات التسويق الخارجي, أي بهدف توسيع سوق المنتجات التي يتم تسويقها محليا, مع إدخال بعض التعديلات على المنتوج إذا تطلب الأمر ذلك, بهدف مراعاة ذوق المستهلك الأجنبي.
5- منح التراخيص لمؤسسة أجنبية لتنتج بموجبها في أسواق تلك المؤسسات المحلية, و تكتفي المؤسسة المرخصة بعائد الترخيص, و خير مثال عل ذلك ما قامت به Coca Cola, حيث قامت هذه الأخيرة بمنح تراخيص لعدة مؤسسات أجنبية في دول مختلفة لإنتاج نفس المنتج, و بنفس المواصفات و الخصائص, و تحت نفس العلامة التجارية, و هذا بغية غزو الأسواق الدولية و توفير المنتج للمستهلك بنفس الخصائص (الذوق,...) في كل مكان مثلما فعلته في الجزائـر, مصـر, العربية السعوديـة...إلخ.
6- في هذه المرحلة تظهر فكرة لحدود الوطنية فتصبح العولمة بفضل نشاط التسويق الدولي, فهي تنظر للعالم بأكمله على أنه سوق لمنتجاتها.
-II مبادئ التسويق الدولي:
يعتبر علم التسويق الدولي أحد فروع المعرفة التي نشأت حديثاً كاستجابة في الآونة الأخيرة نحو دخول أسواق أجنبية, و قد تطور هذا العلم في إطار عدد من المبادئ الرئيسية هي: [12]
-1-II التخصص و تقسيم العمل:
يقوم التبادل أساساً على مبدأ التخصص الدولي, حيث تتخصص كل دولة في إنتاج سلعة أو مجموعة معينة من السلع و تتبادلها مع غيرها من الدول, و ترتبط ظاهرة التخصص بين الدول المختلفة بظاهرة التجارة الدولية ارتباطا وثيقاً, فالتخصص يؤدي إلى زيادة الإنتاج, و من ثم تتمكن كل دولة من إنتاج السلع المتخصصة في إنتاجها بكميات أكبر من حاجاتها الاستهلاكية, كما تترك إنتاج السلع التي ليس لديها تخصص أو تفوق في إنتاجها الدول الأخرى ذات التخصص و يتم التبادل بين هذه الدول على أساس تخصص كل منها.
و تجدر الإشارة إلى أن مبدأ التخصص و تقسيم العمل قد لا يقتصر على دولة واحدة, بينما قد يمتد ليشمل عدة دول تكون فيما بينها ما يسمى بالاتحاد الإقتصادي, و الذي بموجبه تزال كافة القيود على حركة السلع و الخدمات و عناصر الإنتاج, و تتوحد السياسات الإقتصادية فيما بين الدول الأعضاء, و يتم التنسيق بينها بهدف وضع هيكل منتجات تتخصص في إنتاجية هذه الدول مجتمعة, و تحديد أهم المنتجات التي سيتم استيرادها من الدول الأخرى, و يكون الفرار الخاص باختيار المنتجات التي سيتم إنتاجها مبنيا على أسس اقتصادية و التكاليف الكلية التي ستتحملها الدول الأعضاء, عند إنتاج كل سلعة أو خدمة مقارنة بتكلفة استيرادها.و مثال ذلك الإتحاد الإقتصادي الذي نشأ بين اليابان و كوريا الجنوبية و ماليزيا و سنغافورة و تايوان و هونغ كونغ, لتنسيق هياكل الإنتاج فيما بينها في مواجهة دول العالم الأخرى, حيث استقرت هذه الدول مجتمعة على تركيز جهودها في إنتاج منتجات الغزل و النسيج و المعدات الكهروبائية و الأجهزة الالكترونية و تصديرها إلى الأسواق الخارجية, و قد ظهرت بوادر النجاح لهذا الإتحاد حيث أصبحت هذه المنتجات مبيعا و الأقوى منافسة في أسواق العالم المختلفة.
-2-II توازن ميزان المدفوعات:
ميزان المدفوعات هو إجمالي معاملات الدولة مع العالم الخارجي, خلال فترة زمنية معينة, و ينقسم إلى قسم الحساب الجاري, و قسم حسابات الصفقات الرأسمالية و أخيراً قسم الحساب النقدي... و تسفر العمليات الإقتصادية المبرمة مع العالم الخارجي إما عند وجود عجز أو فائض في ميزان المدفوعات, و في كلتا الحالتين (عجز أو فائض) يتعين على الدولة تسوية قيمة العجز أو الفائض مع الخارج.
و لما كان التسويق الدولي يتيح للدولة الإستفادة من مزايا التصدير التي تتركز أساسا في الحصول على النقد الأجنبي الذي يستفاد منه في تمويل الاستيراد و سداد العجز في ميزان المدفوعات, و كذا الاستفادة من الاستثمار الأجنبي, في تسوية الفائض في بعض الأحيان, و عليه فإن مبدأ توازن المدفوعات من أهم المبادئ التي تحكم أنشطة التسويق الدولي و مساهمتها في تحقيق هذا التوازن.
بمعنى أن يتوازن إجمالي ما يخرج من الدولة من قيم واردات و فوائد و قروض و مصروفات الشحن و التأمين مع إجمالي ما يدخل إلى الدولة من إجمالي الصادرات خلال العام, كأحد المعايير الهامة للحكم على مستوى فعالية التسويق الدولي.
-3-II توازن المزيج التسويقي:
يقصد به الإهتمام بجميع عناصره الأربعة (المنتوج, السعر, التوزيع, الترويج), دون التركيز على أحدها على حساب العناصر الأخرى, بمعنى أنه لا يعتبر المزيج التسويقي متوازنا إذا تركز الاهتمام الرئيسي للشركة على عنصر السعر مثلا و إهمال العناصر الثلاثة, و يراعي أن توازن المزيج التسويقي من وجهة نظر التسويق الدولي لا تقتصر على ذلك فحسب, بل تشمل أيضا أن يكون المزيج التسويقي ملائما لقوى السوق الخارجية, و بمعنى أكثر تحديد أن يكون ملائما لأذواق المستهلكين في الدولة الأجنبية و قدراتهم الشرائية, و كذلك يكون مواجها بفعالية للمزيج التسويقي المقدم من جانب منافسين آخرين.
و من جهة أخرى, فإن نجاح المنتوج دوليا يعني نجاح المزيج التسويقي ككل و ليس المنتوج فحسب, و بالتالي فإن تسويق المنتوج دوليا يستوجب بالضرورة تصميم و تنفيذ لعناصر المزيج التسويقي بشكل متوازن بما يناسب مع الاختلاف بين خصائص و ثقافة المستهلك الأجنبي و قوة المنافسين في السوق الدولية.
-4-II الميزة التنافسية للمنتج:
يضيف هذا المبدأ بعدا جديداً و هاما لأنشطة التسويق الدولي, حيث لا تقوم الدولة بإنتاج المنتجات التي تكون تكلفة إنتاجها محليا أقل من تكلفة استيرادها فحسب, بل الأمر يمتد إلى أبعد من ذلك, حيث تختار الدولة المنتجات التي تحقق لها ميزة تنافسية في مواجهة المنتجات المنافسة لها في الأسواق الخارجية.
و تمثل التنافسية على مستوى الإقتصاد الجزئي قدرة المؤسسة على مواجهة المنافسة مع المؤسسات الأخرى في داخل البلاد و خارجه, و ذلك بالمحافظة على حصتها من السوق المحلي و الدولي. أمّـا على مستوى الإقتصاد الكلي, فإن تنافسية الاقتصاد الوطني فتكمن في قدرته على تحقيق فائض تجاري بصفة مستمرة, و ترتبط المنافسة بعدة عوامل تصنفها النظرة الاقتصادية إلى مجموعتين:
أ- منافسة بالأسعار: و تأخذ بعين الاعتبار التطور المقارن للأسعار (بين البلد و خارجه) و ما يحددها من عوامل و تكاليف الأجور للوحدة المنتجة, و التكاليف الجبائية و الاجتماعية و تطور الإنتاج و سلوك المؤسسات و تطور أسعار الصرف...الخ.
ب- المنافسة الهيكلية أو المنافسة بغير الأسعار: تتوقف هذه المنافسة على التخصص الذي يعتمده البلد و على الديناميكية التكنولوجية و التجارية للشركات المصدرة (الإبداع و تمييز المنتجات و البحث عن النوعية و الخدمات ما بعد البيع...) و نوعية تسيير الشركات, و خاصة تسيير مواردها البشرية وقدرتها على التكيف مع المحيط التنافسي.
و على سبيل المثال قد تكون جمهورية مصر العربية قادرة على إنتاج سلعة القمح مثلا بتكلفة أقل من تكلفة استيرادها من الخارج, إلا أنه قد تفضل تركيز جهودها و توجيه الجزء الأكبر من مواردها لإنتاج المنسوجات و السلع الغذائية, لما لها من ميزة نسبية تجعلها في موقف تنافسي قوي في الأسواق الخارجية إما في صورة جودة عالية أو أسعار منخفضة بالنسبة للسلع المنافسة, و بذلك تضاف سلعة القمح إلى هيكل المنتجات التي سيتم استيرادها من دول أخرى, و تضاف المنسوجات و السلع الغذائية لهيكل الإنتاج و هيكل الصادرات معا, و يتضح من هذا المبدأ أن توجه الجهود داخل الدولة إلى التصدير و غزو الأسواق الخارجية و ليس مجرد سد احتياجات السوق المحلية فقط.
-5-II القوة الشرائية في الدولة المستوردة:
يرتبط التسويق الدولي بمدى القوة الشرائية للدولة المستوردة, و التي على أساسها يتحدد إلى أي مدى يكون دخول السوق الأجنبي أمرا مجديا في الأجل الطويل. و يقصد بالقوة الشرائية قدرة المستورد على الدفع بالعملة المحلية و سعر تحويل هذه العملة المحلية بعملات أجنبية أخرى, ووفقا لذلك يتحدد حجم السوق و مدى جدوى دخوله و تحديد أي الأشكال سوف تنتجها الشركة أو منح تراخيص لشركات وطنية أو الدخول مع شركات أخرى في مشروعات مشتركة.
III- المزيج التسويقي الدولي:
يشكل المزيج التسويقي الدولي الأساس الرئيسي الأكثر حركة, و قدرة على التوافق و التعامل مع المتغيرات الخاصة بالنشاط التسويقي, فعناصر المزيج التسويقي الدولي هي نفس عناصر التسويق المحلي, إلا أن تصميم هذه العناصر يكون ارتباطا بالأسواق العالمية, لمحاولة تحقيق التجانس في الطلب العالمي على المنتجات.
و يعرف المزيج التسويقي على أنه مجموعة الوسائل التي يستخدمها مدراء التسويق لتحقيق أهدافهم, وتشمل هذه الوسائل العديد من العوامل, التي يمكن أن تلخيصها في: السلعة, توزيعها, تغييرها, وترويجـها, بحيث يقوم مدير التسويق الناجح بإيجاد الخطة المناسبة من هذه العناصر الأربعة, وفقا لمتطلبات كل ظرف من الظروف.
و ينبغي الإشارة إلى أن عناصر المزيج التسويقي الدولي يجب أن تتصف بالاستمرارية نظرا للطبيعة الديناميكية التي تعمل فيها النشاط التسويقي الدولي, و من ثم يجب إعادة النظر فيه من فترة لأخرى, حسب العوامل و التغيرات التي تطرأ على البيئة التسويقية الدولية.
-1-III المنتوج:
تعمل المؤسسة التي تتوجه نحو الأسواق الدولية, و تصدير منتجاتها إليها و الرغبة في التوغل فيها, مع مراعاة المزيد من الاهتمام بالسلعة و متطلباتها, و هي مزيج من صفات ملموسة و غير ملموسة تشمـل: الغلاف, اللون, العلامة... , إن تقديم سلعة جديدة لسوق يعتبر من القرارات المهمة التي يواجهها مدراء التسويق, و ذلك لما يتضمنه كل قرار من معطيات و عوامل تختلف باختلاف الظروف المحيطة حالة على حدى.[13]
و منه القرارات الخاصة بالساعة من حيث تصميمها, تحديد جودتها, تشكيلاتها, غلافها اسمها التجاري, الخدمات المصاحبة لها, هي الأساس في تصميم باقي السياسات التسويقية. و عليه يرى الكثير من المهتمين بالتسويق, أن نجاح المؤسسة يعتمد بصفة أساسية على المنتوج الذي يتم تقديمه إلى السوق.
أ- المنتج المحلي و المنتج الدولي:
يعد المنتج المادي الذي يشمل: العبوة, العلامة, الخدمة,... مكونات المزيج التسويقي أو البرنامج التسويقي الدولي, و يعرف على أنه الكيان المادي الذي يتم إنتاجه لإشباع حاجة أو لرغبة معينة". [14]
كما يعرفه البعض على أنه مجموعة من الخصائص و المكونات, التي يجب أن توافر بتوفر المستوى المرضي, الذي تسعى إليه المؤسسة في أهدافها التسويقية, كما أنه مجموع من المنافع التي تشبع حاجة المستهلك و هو يتضمن في طياته أبعاداً وظيفية, كالتصميم و التغليف, التعبئة, و الخدمة. [15]
كما أن وظيفة تعديل المنتج تعد وظيفة على درجة كبيرة من الأهمية في الجهود التسويقية, والمؤسسات التي ترغب في أن تكون ذات توجه عالمي, يجب أن يكون لها منهج قائم على إيجاد الجديد من الأسواق, و اعتمادها على منتجات أو خدمات قابلة لتسويق في عدة أماكن. إلا أن هناك مؤسسات تعهد إلى بيع منتجاتها المحلية بنفس الصفات و الخصائص في الأسواق الخارجية.
ب- الطرق الخمسة لغزو الأسواق الدولية:
ينبغي على المؤسسات التي تعمل في الأسواق الخارجية, أن تقرر مدى التعديل الذي يجب أن تدخله على مزيجها التسويقي بما يلائم احتياجات المستهلك و رغباته في الأسواق المستهدفة.
و بهذا الصدد هناك خمسة طرق لغزو الأسواق الأجنبية, و هذه الطرق هي كالتالي:[16]
-1 طريقة تنمية إتساع المنتج في السوق:
و يقصد بهذا التوغل في السوق الأجنبية بنفس المنتج, دون إجراء أي تعديل يذكر, و تطبق هذه الطريقة المؤسسات التي لها منتجات تصف بالعالمية, مثل "كـوكا كـولا" حيث يتم توزيع المشروب كما هو موجود في السوق المحلي, و في جميع الأسواق الخارجية.
-2 طريقة التعديل في الاتصالات:
يعني بها التوغل في الأسواق الدولية دون التعديل في المنتجات, مع تعديل طريقة الاتصال وذلك بتكثيف الجهود الترويجية.
-3 التعديل في المنتوج:
و تتضمن هذه الطريقة إحداث تعديلات على المنتج لكي يقابل احتياجات و رغبات المستهلك الأجنبي, أو إجراء التعديل من أجل توحيد مواصفات المنتج.
-4 طريقة التعديل المزدوج:
هي إحداث تعديل في مواصفات المنتج مع إجراء ترقية في المزيج الترويجي, و هذا لاختلاف تفضيلات المستهلك في الأسواق الأجنبية.
-5 خلق المتوج:
و هي الطريقة الأخيرة, يركز فيها على تقديم منتج جديد في السوق, و قد تتطلب هذه الطريقة تكاليف مرتفعة, إلا أن نجاحها يعود على المؤسسة بأرباح كبيرة فتقديم منتج جديد يعد نقطة ارتكاز قوية في نمو و تقدم المؤسسة كما أنه يساعد على مواجهة المنافسة الحادة التي تفرضها المؤسسات الأجنبية.فالابتكار و التجديد يؤدي إلى وجود طريقة جديدة في العملية الإنتاجية, التي تؤدي بدورها إلى ازدهار و نمو الإقتصاد الوطني.
و بمـا أننا نتكلم عن سياسات و قرارات المنتج الدولي في غزو الأسواق الدولية يتطلب منا التطرق إلى دورة حياة المتوج الدولي.
ج- دورة حياة المنتج الدولي:
إن دورة حياة المنتج الدولي في الأسواق الدولية لا تختلف بدورها عن دورة حياة المنتج المحلي, و هي خمسة مراحل:
1- مرحلة البحث و التطوير
2- مرحلة التقديم
3- مرحلة النمو
4- مرحلة النضج
5- مرحلة التدهور.
و لكل مرحلة خصائصها, فحسب "Vernon" فإن مبدأ دورة حياة المنتج الدولي تنطلق من الفرضية على أن الانحرافات التكنولوجية بين البلدان, و هي العوامل الأساسية المفسرة لسلوك الاستثمار في الخارج للتصدير, و كذلك دورة حياة المنتج العالمي تصف لنا المراحل المتتابعة لحياة المنتج منذ الاكتشاف, فهي الوسيلة التي تفسر لنا الطريقة التي تتفاعل بها مختلف عناصر المزيج التسويقي غير الزمن, من أجل تحديد الإنتاج و التصدير, فالمؤسسة القائدة في نشاط معين بالولايات المتحدة الأمريكية تصنع منتجا جديدا فتنشر هذا الاكتشاف في الأسواق الأمريكية, كمرحلة أولى, و في المرحلة الثانية تصدر هذا المنتج إلى الأسواق المتقدمة تكنولوجيا, و هذا لتمديد حياة المنتج, لأنه عندما يصل إلى بداية مرحلة التدهور, تقـدمه بدورها إلى أسواق الدول الأقل تقدماً من الناحية التكنولوجية, و في هذه الأسواق يمر المنتج بالمراحل السابقة الذكر, و عند وصول المنتج إلى مرحلة التدهور يدفع به إلى أسواق الدول الأقل تكنولوجية من بقية البلدان كمرحلة أخيرة.
و هذه المـراحل سوف نتطرق إليها بشيء من التفصيل فيما يلي:[17]
أ- المرحلة الأولى: مرحلة المنتج الجديد
تبدأ بتقديم المنتوج الجديد داخل أسواق الدول الغنية لما فيها من موارد مالية, تكنولوجية, ومهارات بشرية, و كذلك للأعداد الكبيرة من المستهلكين ذوي القدرات الشرائية و الأذواق الراقية, فمثـل هذه العناصر من شأنهـا أن توجد الحافز على اكتشاف الابتكارات و الاختراعات الجديدة وطلبها, و كذلك المنتجات الجديدة في مثل هذه الدول لن تكون ذات حساسية مرتفعة السعر.
ب- المرحلة الثانية: مرحلة التصدير
إذا بلغ المنتج مرحلة النضج في أسواق الدول الغنية, تبدأ المؤسسة في توزيع الإنتاج و فتح أسواق جديدة, مع أنه في هذه المرحلة يبقى المخترع الأصلي هو القائد في مجال الاختراع, غير أن هذا التوسع يدفع المنافسين إلى القيام بعملية التقليد و تطوير منتجات مماثلة.
ج- المرحلة الثالثة: توحيد الفنون التكنولوجية المستعملة
تبدأ هذه المرحلة عندما تنمو المنافسة في الأسواق, حيث تصبح التكنولوجيات الخاصة بالمنتج شائعة, و مثال ذلك جهاز الكمبيوتر, حيث تصبح اعتبارات التسويق على درجة كبيرة من الأهمية, و تشهد هذه المرحلة كذلك السعي إلى الاستثمار المباشر في الخارج, و إلى الأماكن التي تسم بمستويات دخل أقل عند ذلك السائد في الدول الغنية مثل الولايات المتحدة الأمريكية, و خلال هذه المرحلة ينتقل الإنتاج أساسا من USA إلى أوروبا, أو من أوروبا إلى الدول النامية, و هما تكون العوامل المحققة ليست نتيجة التكنولوجيا بل نتيجة الجهود التسويقية.
و نخلص بالقول إلى أن للأسواق الخارجية أثر على سياسات المنتج الدولي, و هذا للعديد من المتغيرات التي لها طبيعة متغيرة في كل سوق خارجي, و كذا المتغيرات الدولية, أسعار الصرف و غيرها من المتغيرات المختلفة في كل سوق, كالمنافسـة, النظام القانوني, العادات الاجتماعية, المناخ السياسي, الأنماط الثقافية, الخلفية الدينية و الأخلاقية, و كل هذه المتغيرات لها أثر مباشرة على سياسة المنتج الدولي, و كـل هذه المتغيرات تقف حاجزا أمام المنتج عند تقديمه لمنتج إلى السوق, دون التعرف على توجه السوق, و مدى استعداده لتقبل هذا المنتج, فكل هذه المتغيرات التي سبق ذكرها تساعد في تحديد و تركيب شكل المنتج الملائم لكل دولة و سوق, لأن التسويق الدولي يعتمد على عمليات تتم في بيئة معقدة و متنوعة تتطلب جهودا مكثفة لتوليد الفهم و القدرة على التكيف بفعالية عالية مع هذه الصعوبات, أو المتغيرات لهذه البيئة المختلفة, و هنا لا يقتصر الأمر على اتخاذ قرارات سليمة في مجال المزيج التسويقي, الذي يساهم هو أيضا في تطوير إستراتيجية التسويق الدولي
-2- التسعير:
يعد قرار التسعير في الأسواق الخارجية من القرارات الهامة التي تؤثر على نجاح المؤسسة, حيث أن قرارات التسعير تساهم في زيادة الربحية, بالتأثير المباشر على حجم المبيعات المتوقعة, و الأرباح التي يمكن تحقيقها من جراء ذلك.
فهو أحد القرارات الحيوية لحياة المشروع في المؤسسة, و أحد العناصر الإستراتيجية التي من ورائه تسعى المؤسسة لتحقيق الربح, بالإضافة إلى هذا يستخدم السعر كعنصر فعال و مؤثر يجذب المستهلكين, و من هذا المنطلق, كان محور اهتمام الكثير.
أ- تعريف السعر في التسويق الدولي:
يقصد بالسعر بصفة عامة بأنه القيمة المعطاة لسلعة, أو خدمة معينة, و التي يتم التعبير عنها في شكل نقدي, و في مجال التسويق الدولي " فإن سعر المنتوج هو قيمته التبادلية في الأسواق الخارجية".[18]
و كما يرى رجال التسويق أن السعر هو أهم عناصر المنافسة, مستدلين بالدراسات الميدانية التي أجريت في بريطانيا, و من بين هذه الدراسات التي تؤكد أن السعر هو أهم عناصر المنافسة في المزيج التسويقي (الدراسة التي قام بها محمد صديق عفيفي حول صناعة النسيج و الغزل في بريطانيا, حيث أجرى استقصاءا حول 36 مؤسسة, فذكرت 31 مؤسسة أهمية السعر في الترتيب الأول كأحد العناصر الإستراتيجية التسويقية.
ب- محددات السعر في الأسواق الدولية:
إن قرار التسعير يتأثر بعدة عوامل, على المؤسسة أخذها بعين الاعتبار عند تحديد السعر في الأسواق الأجنبية, و فيما يلي سنتناول هذه المحددات و تأثيرها على قرار التسعير في الأسواق الدولية, و التي يمكن حصرها في الآتي: [19]
-1 -هـدف المؤسسـة:
إن أهداف التسعير ترتبط بأهداف التسويق التي يتم تحديدها من طرف المؤسسة, و هذه الأهداف تتمثل في الإنتاج, المخزون, البيع, الربحية, و زيادة نصيب المؤسسة من السوق...الخ. إلا أنه غالبا ما يختلف هدف المؤسسة من سوق لآخر.
ففي الأسواق الأجنبية دوما تعمل المؤسسة على التعمق و غزو السوق بتطبيق نظرية التمكن السوق, أما إذا كانت المؤسسة تعتمد في سوق آخر على الموزع فإنه من الأفضل لها فرض سعر مرتفع لاستخدام إستراتيجية كشط السوق.
و من ناحية أخرى, قد تقوم المؤسسة بتحديد أهدافها من التسعير في بناء صورة معينة لمؤسسة, أي بمعنى أن الإستراتيجية المتبعة في التسعير, الهـدف من ورائها الإسهام في خلق انطباع معين لدى المستهلك من أجل البقاء و الاستمرار و كسب تأييد الرأي العام لها, حتى تستطيع تحقيق أقصى ربح ممكن.
-2 -التكـاليـف:
للتكاليف دور هام في تحديد السعر في الأسواق الدولية, و هو الأمر الذي لا يمكن تجاهله في التسويق الدولي, لذلك فإن التكلفة في الأسواق الأجنبية يجب أن تضمن كل شيء ضروري, لتوصيل المنتج إلى المستهلك مثل نفقات المبيعات, الإعلان, تكاليف البحـوث, و التسويق إضافة إلى بقية التكاليف للسلعة ذاتها.
إلا أنه يمكن للمؤسسة الاحتفاظ بأسعار مرتفعة في حالة ما إذا كان المركز التنافسي في المؤسسة طويلا, و كذلك إذا اتبعت سياسة التمييز السلعي.
-3- الـمنـافسـة:
إن درجة المنافسة السائدة في الأسواق الأجنبية, تعتبر إحدى العوائق أو الاعتبارات الأساسية التي تؤثر على قرار التسعير في الأسواق الخارجية, فيختلف السعر في هذه الأسواق باختلاف قوة المنافسة في السوق الآخر, إلا أنه يمكن للمؤسسة الاحتفاظ بأسعارها المرتفعة في حالة ما إذا أتبعت سياسة التمييز السلعي.
-4 -الـحكـومـة:
في العديد من الدول تفرض الحكومة بعض أشكال التحكم في الأسعار, كأن تفرض رسوما جمركية مرتفعة على المؤسسات الأجنبية, أو إصدار بعض القوانين و التشريعات تفرض على المؤسسة بألا تبيع منتجاتها أقل من السعر الموجود في السوق, و هذا يؤدي إلى فقدان حصتها في السوق وإلحاق الضرر بهـا.
-5- قنوات التـوزيـع:
إضافة إلى العوامل التي سبق ذكرها, فإن هيكل التوزيع هو الآخر من العوامل الرئيسية التي تؤثر على سياسة التسعير, بفرض تسعير معين في سوق أجنبية, لأن قنوات التوزيع المختلفة تتطلب تكاليف نختلفة, فمثلا استخدام نفس القناة في دولتين فرنسا و العربية السعودية, لا يعني هذا أن التكلفة ستكون متشابهة, لذا اختيار قناة معينة يؤثر في قرار التسعير و هذا ما يجعل المؤسسة مظطرة لاختيار قناة التوزيع الأقل تكلفة, حتى تستطيع تسعير المنتوج و فق ما يرغب المستهلك.
ج- طرق التسعير: [20]
توجد أربعة أساليب يمكن للشركة الدولية الاختيار فيما بينها لتحديد أسعار التحويل:
-1 -تحديد السعر على أساس التكاليف:
يعاب على هذا الأسلوب لتحديد أسعار التحويل ضعف الحافز على ضغط التكاليف أو تعظيم الأرباح بالنسبة لتلك الوحدات أو الفروع المشترية للسلع بأسعار منخفضة, على حين أن الفروع التي تبيع منتجاتها بأسعار منخفضة قد تكون في حالة إحباط مستمر نتيجة عدم رؤيتها لأرباحها و تحويلها بشكل مقنع إلى الفروع الأخرى.
-2 -تحديد السعر على أساس السوق:
و هذه الأسعار قد تكون منخفظة بالنسبة للوحدات البائعة نظرا لإهمال الاعتبارات الخاصة بتكاليف الإنتاج و الاعتماد فقط على ظروف السوق في الدولة التي يوجد بها الفرع المشتري.
-3 تحديد السعر على أساس الأسعار الاتفاقية لمعاملات شبيهة:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قضايا و مفاهيم أساسية حديثة حول التسويق و التسويق الدوليتعديل مشاركة مختارة؟ أوقف النشر؟ تصنيف حذف

لقد اتسع مجال التسويق و أصبح له دورا بارزا في نجاح و فشل المشروعات المختلفة سواء كانت مشروعات أعمال تهدف إلى تحقيق أرباح أو المشروعات التي لا تهدف إلى الربح كالمؤسسات الحكومية . مما أدى بظهور مفاهيم تسويقية نتيجة كثير من التغيرات والتحديات التي واجهت كثير من المنظمات في الدول المتقدمة و التي أدت بدورها إلى تعقد المشاكل التسويقية التي تواجه هذه المنظمات .
أولا: محاولة إعطاء تعريف للتسويق والتسويق الدولي .
1 - محاولة إعطاء تعريف للتسويق :
تتباين تعاريف التسويق بدرجة كبيرة حتى لا نكاد نجد تعريفا واحدا متفقا عليه بين الباحثين و الكتاب ،و لذلك سوف نتطرق إلى مجموعة من التعاريف لمختلف الكتاب الدين تناولوا موضوع التسويق بالدراسة و البحث .
1-1: عرفت الجمعية الأمريكية ( AMA ) التسويق بأنه (2) :
"العملية الخاصة بتخطيط و تنفيذ ، و خلق ، و تسعير ، و ترويج ، و توزيع الأفكار أو الخدمات اللازمة لا تمام عمليات التبادل و التي تؤدي إلى إشباع حاجات الأفراد و تحقيق أهداف المنظمات ". ويتضح من خلال هذا التعريف أن يركز على الأنشطة التي تتضمنها وظيفة التسويق ، إلا أنه لا يعبر عند بعض الباحثين عن أبعاد وجوانب أساسية للتسويق مثل أهدافه ودوره الاجتماعي كما لا يوضح النطاق الحقيقي له . حيث يفهم من التعريف أن التسويق وظيفة لاحقة ، تبدأ بعد الإنتهاء من أداء الأعمال الفنية المتعلقة بإنتاج السلعة أو إعداد الخدمة ، بينما هو يبدأ في الواقع قبل هذه الأعمال و أثناءها و يستمر بعدها ، فالتسويق وظيفة شاملة (3).
2-1: يعرف PHILIP KOTTER التسويق كما يلي (4) :
" الميكانيزم الاقتصادي و الاجتماعي الذي عن طريقه تلبى و تشبع حاجات و رغبات الأفراد و الجماعات بوسيلة إنتاج و تبادل المنتوجات و الأشياء الأخرى التي لها قيمة عند الغير" .
أضاف كوتلر في تعريفه بعدا هاما للتسويق و هو البعد الاجتماعي و ما اشتمل عليه من بيان هدف العملية التسويقية و هو إشباع حاجات الأفراد و الجماعات من خلال خلق و تبادل المنتجات و القيم مع الآخرين . غير أنه لم يتضمن هذا التعريف الأبعاد الأساسية التي يتضمنها من الجوانب الاقتصادية و القانونية و الثقافية . و كذا علاقته بالوظائف الأخرى التي تتم في منشآت الأعمال كعملية الشراء و الإنتاج و الوظيفة المالية و غيرها. إضافة إلى عدم الإشارة للظروف البيئية ذات التأثير على العملية التسويقية في وحدات الإنتاج.
3-1: يعرف Mc.CARTHY التسويق بأنه (5) :
" العملية الاجتماعية التي توجه التدفق الاقتصادي للمنتجات و الخدمات من المنتج إلى المستهلك بطريقة تضمن التطابق بين العرض و الطلب و تؤدي إلى تحقيق أهداف المجتمع ".
4-1: أما LENDREVIE، LAUFER and LINDONفقد عرفوا التسويق بأنه (6) : مجموعة الوسائل المتاحة للمؤسسات من أجل خلق الحفاظ و تنمية أسواقها أو مستهلكيها أو زبائنها .
5-1: يعرف "PAUL MAZUR "التسويق بأنه (7) : " تقديم مستوى أفضل للمعيشة " .
يشير هذا التعريف إلى الدور الاجتماعي و الاقتصادي للجهد التسويقي و ذلك من خلال إثارة الشعور بحاجات جديدة ثم توجيه النظام الإنتاجي نحو إنتاج السلع و الخدمات التي تشبع هذه الحاجات و ترشيد استخدام هذه السلع و الخدمات وصولا إلى مجتمع متكامل البناء من الناحيتين الإقتصادية و الاجتماعية .
وفي إطار تعدد هذه التعاريف للتسويق فإن ذلك يرجع إلى العوامل التالية :
أ- حداثة التسويق كعلم و ظهوره في أوائل القرن الحالي فهو يمر بمرحلة التطور و الارتقاء . و بالتالي يمثل مجالا واسعا للاجتهاد و الابتكار .
ب- اختلاف جهة نظر الباحثين للتسويق ، فهناك من يرى أنه علم له قواعده و نظرياته المحددة ، و هناك من يعتبره فنا يتصل بالجانب التطبيقي أكثر من ارتباطه بالأسس النظرية ، و هناك من ينظر إليه كمزيج من العلم و الفن .
ج- تعدد التخصصات و مجالات المعرفة الأساسية التي ينتمي إليها الباحثون في التسويق .
د- اختلاف مداخل دراسة التسويق ، فهناك مدخل الوظائف فهو يركز على الوظائف التي يتضمنها التسويق و المدخل السلعي الذي يدرس التسويق فيه وفق متطلبات السلعة التي يتم إنتاجها ، و هناك مدخل المنشآت و فيه يتم تدريس التسويق من خلال دراسة طبيعة و أنواع المنظمات التي تشترك في القيام به.
ه- تبني بعض الكتاب وجهة نظر كلية لتعريف التسويق ، و تبني البعض الآخر وجهة نظر جزئية للتسويق . فأما أصحاب النظرة الجزئية يرون أن التسويق هو مجموعة من الأنشطة و التقنيات في إطار إداري و التي تؤدي إلى إشباع إحتياجات المستهلكين و تحقيق أهداف المشروع من خلال تخطيط المنتوج و التسعير و الترويج و التوزيع و التي تساهم في تحقيق الإشباع المطلوب ، و من أجل ذلك يرتكز تحليلهم على المشروع و ما يحيط به . أما أصحاب النظرة الكلية للتسويق فينطلقون من أن التسويق عملية اجتماعية و اقتصادية تهدف إلى تحقيق أهداف المجتمع من خلال الموائمة بين المعروض غير المتجانس من السلع المقدمة بواسطة المنتجين ، و بين الطلب غير المتجانس على السلع من جانب المستهلكين ، و من أجل ذلك يرتكز تحليل أصحاب النظرة الكلية على الوظائف التسويقية المؤداة على مستوى المجتمع لسد الفجوة بين المعروض و المطلوب أي يرون التسويق على أنه خلق و تسليم مستوى معيشي أفضل (8) .
تلك أهم الأسباب التي أدت إلى تعدد تعاريف التسويق ، و قد حقق هذا التعدد الكثير من المزايا ، فهو من ناحية ساعد على إبراز الجوانب الأساسية التي يتضمنها التسويق ، كما جعل هذا التعدد التسويق مجالا متشبعا يتطلب المزيد من العناء للإحاطة بكل جوانبه ، لذلك فإننا نرى أن هذه التعاريف تتكامل مع بعضها البعض لما تبرزه من الأطر العامة للتسويق و أهدافه و خصائصه.
2- محاولة إعطاء تعريف للتسويق دولي :
كما تعددت الاجتهادات في سبيل تعريف التسويق كما رأينا سابقا ، كذلك هو الأمر بالنسبة للتسويق الدولي ، فقد تعددت و اختلفت و تباينت التعريفات التي تناولته . لذلك من الضروري التطرق إلى أهم هذه التعريفات الخاصة بالتسويق الدولي :
2-1: عرفت الجمعية الأمريكية للتسويق ( AMA ) بأن التسويق الدولي هو :>> عمليه دولية لتخطيط و تسعير و ترويح و توزيع السلع و الخدمات لخلق التبادل الذي يتحقق أهداف المنظمات و الأفراد << (9).
2-2 : يعرف "PHILIP KOTTER "التسويق الدولي بأنه : >> إنه التسويق الدولي لايعدو كونه عبارة عن نشاط ديناميكي مبتكر للبحث عن المستهلك القانع في سوق تتميز بالتفاوت و التعقيد ، و الوصول إلى هذا المستهلك و إشباع رغباته<< (10)
3-2 : يعرف "STANTON " بأنه : > عبارة عن نشاط كوني GLOBAL ACTIVITY ينطلق من الستراتيجية كونية لمزيج تسويقي عابر للحدود الاقليمية ، يتناغم و يتفاعل مع قدرات استهلاكية خارج نطاق و حدود المشروع الوطني ، بهدف إشباع الحاجات أو الرغبات من خلال طرح سلع أو خدمات تتناسب مع هذه الحاجات و الرغبات<< (11)
4-2 : يعرف فريد النجار التسويق الدولي بأنه >> مجموعة المجهودات التسويقية الموجهة لإشباع حاجات المستهلك خارج الحدود الجغرافية للمركز الرئيسي للشركة الأم ، أي في بيئة تسويقية غير التي تعمل فيها الشركة المنتجة ، لأغراض تحقيق الأهداف التسويقية المخططة من أرباح و مبيعات و نمو و استقرار و حل مشكلات و غيرها << (12)
5-2 : يعرفه "عمرو حسن خير الدين" قائلا : >> يشير مصطلح التسويق الدولي إلى عمليات التبادل التي تتم عبر الحدود القومية بهدف إشباع الحاجات و الرغبات الإنسانية<< (13)
و هكذا تعددت تعاريف التسويق الدولي ، و يرجع هذا الاختلاف إلى عاملين أساسين (14) :
أ- الاختلاف بشأن مدى اعتبار التسويق الدولي امتدادا للتسويق المحلي .
ب- الاختلاف بشأن مدى الاعتماد على الفروق بين كل من التسويق المحلي و التسويق الدولي في تحديد هذا الأخير .
رغم الإعتراف بكون التسويق الدولي علم مستقل قائم بذاته إلا أنه يعتبر أحد الأنشطة الفرعية لمدير التسويق من وجهة النظر القديمة للتسويق الدولي ، و هذا راجع لعدم تخلص بعض الكتاب و الباحثين من هذه النظرة القديمة في بعض نظريات التجارة الدولية و تأثيرها على التسويق الدولي خاصة منها نظرية "ليندر" التي تنص على أنه ليس في مقدور أي بلد أن يصدر سلعة معينة إلى الخارج إذا لم يكن هناك طلبا محليا على هذه السلعة تلك أهم الأسباب التي أدت إلى عدم الاتفاق القائم بشأن تعريف التسويق الدولي ، غير أنه يستمد أهميته من أحد أهم العوامل الأساسية لتنشيط حركة التجارة و الاستثمار الدوليين و ما يصاحب ذلك من استفادة الدول و الشركات من عمليات التصدير و الاستثمار خارج الحدود القومية ، و تأسيسا على ذلك فإن الأنشطة التسويقية لا يمكن ممارستها إلا من خلال الظروف الدولية المحيطة بهـــا.
ثانيا : مظاهر الارتباط الأولية بين التسويق الدولي و التجارة الدولية.
تعتبر التجارة الدولية من أقدم اهتمامات كل من الفلسفة الاقتصادية و التطبيق الاقتصادي ، لأن الجذور الأولى لتفسير أسباب قيام التجارة بين الدول تقود إلى ما يعرف بالمشكلة الإقتصادية التي تتمثل في الندرة النسبية للموارد الإقتصادية بالنسبة للحاجات و الرغبات الإنسانية غير المحدودة ، و لهذا ظهرت التجارة الدولية في محاولة منها لتفسير أسباب قيام التبادل الدولي و أنماطه و معدلاته .
و للإجابة على أسئلة تفرض نفسها منها : ما هي أسباب قيام التبادل الدولي ؟ كيف تختار الدول السلع التي تتخصص في إنتاجها ؟ و لماذا تنتج هذه الدولة سلعة معينة و تلك سلعة معينة أخرى ؟ أي بلدان يختار بلد ما أن يتاجر معها ؟ …… إلى غيرها من الأسئلة للإجابة عليها.
إن الجذور الأولى التي تفسر أسباب قيام التجارة الدولية تقود إلى أصل ما يعرف بالمشكلة الإقتصادية التي تتلخص بمحدودية الموارد الإقتصادية و ندرتها النسبية من جهة و بالاستخدامات اللانهائية لهذه الموارد بفرض إشباع الحاجات الإنسانية اللامتنامية بصورة لا محدودة ، لذلك انتهج الإنسان أسلوب إنتاج ما يمكن إنتاجه من السلع و الخدمات بأقل قدر ممكن من التكاليف .
وبالطبع فمشكلة الندرة النسبية التي نتحدث عنها في ظل انقسام العالم إلى دول متعددة تعاني منها جميع هذه الدول و إن بدرجات متفاوتة و من هنا كان لابد من ظهور النزوع المتنامي إلى التخصص في الإنتاج و ذلك في ظل معرفة الميزة النسبية لكل بلــد من البلدان (15) .
إن المدقق في حقيقة كون المشكلة الإقتصادية تتمثل أساسا في ندرة وسائل الإشباع بالنسبة للحاجات الإنسانية ، و علاقة المشكلة التسويقية بها و التي تتمحور حول كيفية إنتاج السلع و الخدمات التي تطابق حاجات ورغبات المستهلك ، يجعلنا - من وجهة نظر تسويقية – أن تحلل أسباب قيام التبادل الدولي بدلالة عاملين هامين همــــا : (16)
§ حاجات ورغبات المستهلك .
§ إنتاج سلع و خدمات مطابقة لهذه الحاجات و الرغبات .
فبالإضافة إلى عوامل عديدة مؤثرة في قيام و تشكيل هيكل التخصص الدولي ، فإن العاملين السابقين لهما تأثير كبير في محيط العلاقات الإقتصادية الدولية ، بل و يتوقف عليها إلى حد كبير درجة النمو في محيط هذه العلاقـات .
إن تعدد واختلاف الحاجات و الرغبات بين الدول ، و صعوبة إنتاج سلع و خدمات مطابقة لهذه الحاجات و الرغبات المتعددة و المختلفة ، تضع أساسا ديناميكيا لتفسير أسباب قيام التبادل الدولي محور هذه الحاجات و الرغبات ، و السلع و الخدمات المطابقة لـــها .
فمثلا تغير الأذواق يغير أنماط الاستهلاك و بالتالي تغيير اتجاهات التجارة الدولية و كذلك الأمر بالنسبة لتغير فنون الإنتاج ( المتعلقة بعملية إنتاج السلع المطابقة للحاجات و الرغبات ) و انتشاره بين الدول يؤدي إلى تغيير نمط التجارة الدوليـــة .
و كما هو معلوم فإن الدول مثل الأفراد لا تستطيع أن تنتج جميع ما تحتاج إليه من سلع و خدمات ، فلكل دولة حاجات و رغبات متعددة تسعى لإشباعها ، فالحاجات و الرغبات –إذن- هي التي تدفع كل دولة إلى إشباعها إما بطريقة مباشرة بإنتاج السلع و الخدمات ذاتيا وداخليا أو بطريقة غير مباشرة باللجوء إلى دولة أو دول أخرى قصد الحصول على هذه السلع و الخدمات منها لإشباع حاجاتها و رغباتها و عليه فعدم قدرة الدولة على إشباع حاجات و رغبات المستهلكين بها ، هي الدافعة إلى الاستيراد . و قدرتها على إشباع حاجات و رغبات المستهلكين الأجانب الذين لا تقدر دولتهم أو دولهم على إشباعها ، هي الدافعة إلى التصدير ، و ينبني على ذلك أن الدولة تتخصص في إنتاج السلع و الخدمات التي تلبي حاجات و رغبات المستهلكين الأجانب الذين لا تستطيع دولتهم أن تلبيها لهم ، و من أجل هذا فإن الطلب الأجنبي على السلع و الخدمات المنتجة من الدولة هو الذي يجعلها تتخصص في إنتاج هذه السلع و الخدمات لتصديرها .
و لهذا ظهرت عدة نظريات للتجارة الدولية "كنظرية الميزة المطلقة" "لآدم سميث" التي تؤكد على مزايا التخصص بين الأفراد و الصنائع على ميزة المنافسة الحرة داخل القطر ، و على ذلك يقوم مبدأ الميزة المطلقة على أنه إذا كانت في استطاعة دولة ما أن تنتج من سلعة معينة أو أكثر من غيرها بنفس الكمية من قيمة العمل ، فإنها تكون متمتعة بميزة مطلقة في إنتاج السلعة .كما اشتهرت كذلك "نظرية الميزة النسبية" "لدافيد ريكاردو" الذي يوافق "آدم سميث" على أن قاعدة الميزة المطلقة تعطي ميزة مطلقة لجزء من الدولة بالنسبة للأجزاء الأخرى من نفس الدولة فيما يخص إنتاج سلعة معينة ، و لكنه يحدد تلك القاعدة بالنسبة للتجارة الداخلية في نفس الدولة ، أما التجارة الخارجية فإن قاعدة الميزة المطلقة لا تسري و لا تفسر قيام التجارة بين الدول المختلفة (خاصة بالنسبة للدولة التي لا تتمتع بالميزة المطلقة ) .
كما أن هذه النظرية تظهر لنا الدوافع إلى إقامة علاقات تجارية بين الدول استنادا إلى اختلاف التكاليف النسبية دون محاولة البحث عن أسباب هذا الاختلاف كما أنها لا تبين بوضوح أثر التجارة الخارجية على أسعار عناصر الإنتاج .. و لهذا ظهرت نظريات لتشير إلى هذا النقص كنظرية " نسب عناصر الإنتاج " للاقتصادي ( أولين ) الذي يرجع إليه الفضل في صياغتهـــا .
حيث يرى أن كل دولة سوف تصدر السلعة التي تستخدم في إنتاجها قدر كبير من عامل إنتاج وفير و رخيص نسبيا ، و تستورد السلعة التي لا تمتلك عامل إنتاجها بسبب ندرته و كلفته المرتفعة نسبيا و كنتيجة سوف تزيل أو تخفض التجارة الفرق المطلق لما قبل التجارة في سعر العوامل الإنتاجية المتجانسة بين الدول (17) .
أما الذي يعاب على هذه النظرية هو استخدامها للتحليل السكوني ( الاستاتيكي ) الذي يقارن بين وضع التوازن في الاقتصاد القومي قبل قيام التجارة ووضع التوازن بعد قيام التجارة بدون أي إعتبار لفترة و كيفية الانتقال من توازني إلى آخر أي بدون استخدام التحليل الحركي ( الديناميكي ) .
وعلى هذا الأساس ظهرت نظريات أخرى قدمت تفسيرا للتجارة الدولية على أساس الطلب كتلك التي قدمها " ليندر " مستخدما تحليلا ديناميكيا للتجارة الدوليـة حيث يرى أن و جود طلب محلي على السلع ( سواء لأغراض الاستهلاك أو لأغراض الاستثمار ) يعتب شرطا ضروريا و ليس كافيا لتكون هذه السلع صادرات محتملة كما يدعم " ليندر " مبدؤه الأساسي حول وجود الطلب المحلي وهو وجود فكرة أساسية واحدة و هي أن الدراية بظروف السوق المحلية تكون أكبر من الدراية بظروف السوق الخارجية (18) .
هذه أهم نظريات التجارة الدولية التي أثرت على الفكر الاقتصادي علما بأن هناك نظريات أخرى تكميلية لم يتم التطرف إليها ، و على الرغم من التفسيرات المختلفة لكل النظريات للعوامل و الأسس التي تحكم التجارة الدولية ، إلا أنه ليست هناك نظرية مطلقة يمكن أن تعمم نتائجها و تطبيقاتها على جميع السلع في الأوقـات .
ثالثا : الأعمال الدولية ونظريات الاستثمار الأجنبي وعلاقتهما بالتسويق الدولي .
لقد قدم "سيموندس" وروبوك "SIMONDS and REBOCK" عدة تحفظات (انتقادات) حول نظريات التجارة الدولية أهمها (19):
1- أن نظرية التجارة الدولية لم تقدم بدائل أخرى لأنشطة ( غير الاستيراد و التصدير ) يمكن لأي شركة ممارستها خارج حدود الدولة مثال ذلك عقود الترخيص و الاستثمارات المباشـرة .
2- أن حماية و فتح الأسواق الأجنبية لشركة ما يمكن أن يتم من خلال أشكال أخرى غير التصدير ، مثلا : فالاتفاقيات و الأحلاف الإقتصادية بين الدول تزيل الكثير من المعوقات أمام حرية التبادل التجاري و الاستثماري . ليس فقط أمام التصدير و الاستيراد و لكن أمام أي شكل من أشكال الاستثمار الأخـرى.
3- بساطة الافتراض الذي قامت عليه النظرية ، فمن ناحية تفترض توافر معلومات كافية عن فرص التجارة بين البلدان المختلفة و عدم حرية انتقال عوامل الإنتاج المختلفة بين الدول ، أما من الناحية الأخرى فهي تفترض عدم استقلال الشركات العاملة في الدول المختلفة وتمتعها بمركز قانون مستقل بالإضافة إلى افتراض المنافسة الكاملة و تجاهلها لحالات الاحتكار أو المنافسة الاحتكارية بين دول العالم.
4- تجاهل النظرية للفروق بين الدول فيما يتعلق بالتكنولوجيا في المجالات الاقتصادية المختلفة ( الإنتاج ، الإدارة ، التسويق…)باعتبارها عوامل إنتاجية تؤثر في التكاليف و من ثم على المزايا أو القدرات التنافسية للدول فيما بينها . و من أجل هذا فإن التسويق الدولي بالإضافة إلى علاقته بالتجارة الدولية – له علاقة وطيدة بإدارة الأعمال الدولية لأن مجاله ( التصدير و الاستثمار الأجنبي ) من مجال الأعمال الدولية ولأنه أحد وظائف إدارة الأعمال الدولية .وعلى هذا تعرف الأعمال الدولية بأنها :"معاملات وإجراءات الأعمال الخاصة والحكومية التي تحصل بين منظمات و شركات أعمال تستهدف الربح أو مؤسسات عامة وأجهزة حكومية لا تستهدف الربح بالضرورة بـين بلدين أو أكثر << (20) .
و في هذا المجال سوق نتطرق إلى نظريات الاستثمار الأجنبي ، أي لماذا تستثمر الشركــات بالخارج ؟ أي البلدان مصدره ؟ و أي البلدان تجذبه ؟ و ما نوعية الشركات و السلع التي يشملها ؟ … .
إن الإجابة على هذه الأسئلة و مثلها يعني تناول موضوع المحددات الرئيسية و دوافع الشركات الخاصة بالاستثمارات الأجنبية ، و حيث توجد الكثير من الآراء و النظريات التي تناولت هذا الموضوع بالتحليل و الدراسة ، فإننا سنقتصر على عرض خمس (05) نظريات تعتبر أكثر شيوعا في الأدب الاقتصادي و هـــي :
1/ نظرية عدم كمال السوق (MARKET IMPERFECTIONS THEORY).
تقوم هذه النظرية على افتراض غياب المنافسة الكاملة في أسواق الدول المضيفة بالإضافة إلى نقص العرض من السلع فيها . كما أن الشركات الوطنية في الدول المضيفة لا تستطيع منافسة الشركات الأجنبية في مجالات الأنشطة الاقتصادية و الإنتاجية المختلفة أو حتى فيما يختص بمتطلبات ممارسة أي نشاط وظيفي آخر لمنظمات الأعمال ، أي أن توافر بعض القدرات أو جوانب القوة لدى الشركة التي تقوم بالاستثمار الأجنبي ( توافر الموارد المالية ، التكنولوجيا ، المهارات الإدارية ...إلخ بالمقارنة بالشركات الوطنية في الدول المضيفة يعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تدفع هذه الشركات نحو الاستثمارات الأجنبية ، أو معنى أخر أن إيمان هذه الشركات بعدم قدرة الشركات الوطنية بالدول المضيفة على منافستها تكنولوجيا أو إنتاجيا أو ماليا أو إداريا سيمثل أحد المحفزات الأساسية التي تمكن وراء قرار هذه الشركات الخاص بالاستثمار أو ممارسة أي أنشطة إنتاجية أو تسويقية في الدول المضيفــة (21) .
و لهذا يمكن اعتبار هروب الشركات المنافسة من المنافسة الكاملة في الأسواق الوطنية بالدول الأم و اتجاهها للاستثمار أو نقل بعض أنشطتها لأسواق الدول المضيفة يمكن أن يحدث في كل أو بعض الحالات الآتية على سبيل المثال (22) :
أ- حالات وجود فروق أو اختلافات جوهرية في منتجات الشركة التي تقوم بالاستثمار الأجنبي و الشركات الوطنية( أو الأجنبية الأخرى ) بالدول المضيفــة .
ب- حالة توافر مهارات إدارية و تسويقية و إنتاجية … إلخ متميزة لدى هذه الشركات عن نظيرتها بالدول المضيفة .
ج- قيام حكومات الدول المضيفة بمنح امتيازات و تسهيلات جمركية و ضريبية و مالية لهذه الشركات كوسيلة لجذب رؤوس الأموال الأجنبيــة .
د- تشدد إجراءات و سياسات الحماية الجمركية في الدول المضيفة و الذي قد ينشأ عنها صعوبة التصدير لهذه الدول ، و من ثم تصبح الاستثمارات الأجنبية الأسلوب المتاح أو الأفضل لغزو مثل هذه الأسواق .
ه- الخصائص الاحتكارية ، التكنولوجية ، التمويلية ، الإدارية و التنظيمية… لهذه الشركات و التي ترتبط بشكل أو بآخر بحالات عدم كمال السوق في الدول المضيفة .
2/ نظرية الحماية (PROTECTION THEORY) :
تقوم هذه النظرية على أساس أن الشركة التي تقوم بالاستثمار الأجنبي تستطيع تنظيم عوائدها إذا استطاعت حماية الكثير من الأنشطة الخاصة مثلا بالبحوث و التطوير و الابتكارات و أي عمليات إنتاجية أو تسويقية أخرى جديدة ، و لكي تحقق الشركة هذا الهدف ، فإن هذا يستلزم قيامها بممارسة أو تنفيذ الأنشطة المشار إليها داخل الشركة أو بين المركز الرئيسي و الفروع في الأسواق أو الدول المضيفة بدلا من ممارستها في الأسواق بصورة مباشرة .
و يقصد بالحماية هنا الممارسات الوقائية من قبل الشركات لضمان عدم تسرب الابتكارات الحديثة في مجالات الإنتاج أو التسويق أو الإدارة
عموما إلى أسواق الدول المضيفة من خلال قنوات أخرى غير الاستثمار المباشر و غير المباشر و ذلك لأطول فترة ممكنة ، هذا من ناحية ،
و من ناحية أخرى لكي تستطيع هذه الشركات كسر حدة الرقابة و الإجراءات الحكومية بالدول المضيفة و إجبارها على قنوات للاستثمار المباشر لشركات داخل أراضيها (23) .
3/ نظرية دورة حياة المنتوج الدولي . ( international produc .life cycle ).
إن دواعي تناول هذه النظرية هو ما يلي :
أ- تقدم هذه النظرية تفسيراً لأسباب انتشار ظاهرة الاستثمارات الأجنبية في الدول المضيفة .
ب- تلقي الضوء على دوافع الشركات التي تقوم بالاستثمار الأجنبي من وراء هذا الاستثمار من ناحية و من ناحية أخرى توضح كيفية
أو أسباب انتشار الابتكارات و الاختراعات الجديدة خارج حدود الدولة الأم .
ج- تقدم تفسيرا للسلوك الاحتكاري للشركة واتجاهها إلى الإنتاج في دول أجنبية للاستفادة و التمتع بفروق التكاليف الإنتاجية أو الأسعار أو استغلال التسهيلات الممنوحة من قبل الدولة المضيفة و كسر حدة الحماية الجمركية التي تفرضها هذه الدولة على الاستيراد . و طبقاً لهذه النظرية ، يجري خروج الشركة من دولتها الأم ، نتيجة لإضافة فروع جديدة في البلدان المضيفة بصورة منتظمة ، و نمو مبيعات هذه الفروع في الأسواق الخارجية مع استخدام التكنولوجيا و التصاميم المعدة في بادئ الأمر من قبل الشركة الأم (24).
4 – نظرية الموقع ( LOCATION THEORY ) :
ترتكز هذه النظرية على العديد من العوامل بعضها دولي و الآخر محلي ( على مستوى الدولة الأم ) و التي تتمثل فيما يلي :
أ – تهتم هذه النظرية بقضية اختيار الدولة المضيفة التي ستكون مقراً لاستثمار او ممارسة الأنشطة الإنتاجية أو التسويقية …….الخ
الخاصة بهذه الشركة.
ب- تركز على المحددات و العوامل الموقعية أو البيئية المؤثرة على قرارات استثمار الشركة في الدول المضيفة والتي ترتبط بالعرض والطلب تلك العوامل التي تؤثر على الأنشطة الانتاجية أو التسويقية ، والبحوث والتطوير ونظم الإدارة وغيرها.
ج- تهتم هذه النظرية بكل العوامل المرتبطة بتكاليف الإنتاج والتسويق والإدارة ….الخ ( COST- FACTORS ) بالإضافة إلى العوامل التسويقية ( MARKETING FACTORS ) و العوامل المرتبطة بالسوق ( INMARKET FACTORD ) .
و من العوامل الموقعية التي تؤثر على الشركة هي كمايلي (25) :
أ – العوامل التسويقية و السوق مثل : درجة المنافسة ، منافذ التوزيع ، و كالات الإعلان ، حجم السوق ، معدل نمو السوق . ودرجة التقدم التكنولوجي ، الرغبة في المحافظة على العملاء السابقين، احتمالات التصدير لدول أخرى…إلخ.
ب – العوامل المرتبطة بالتكاليف مثل : القرب من المواد الخام و المواد الأولية ، مدى توافر الأيدي العاملة ، مستويات الأجور ، مدى توافر رؤوس الأموال ، مدى انخفاض تكاليف النقل ، المواد الخام و السلع الوسيطة ، و التسهيلات الإنتاجية الأخرى … إلخ .
جـ الإجراءات الحمائية ( ضوابط التجارية الخارجية ) مثل : التعريفة الجمركية ، نظام الحصص ، القيود الأخرى المفروضة على التصدير والاستيــراد .
د ـ العوامل المرتبطة بمناخ الاستثمار الأجنبي ( INVESTEMENT CLIMATE ) مثل : الاتجاه العام نحو قبول الاستثمارات الأجنبية أو الوجود الأجنبي ، الاستقرار السياسي ، القيود المفروضة على ملكية الأجانب الكاملة لمشروعات الاستثمار ، إجراءات تحويل العملات الأجنبية والتعامل فيها ، مدى ثبات أسعار الصرف ، نظام الضرائب ، مدى التكيف مع بيئة الدولة المضيفة بصفة عامة .
هـ - الحوافز و الامتيازات و التسهيلات التي تمنحها الحكومة المضيفة للمستثمرين الأجانب .
و عوامل أخرى مثل : الأرباح المتوقعة ، المبيعات المتوقعة ، الموقع الجغرافي ، مدى توافر الثروات الطبيعية و القيود المفروضة على تحويل الأرباح و رؤوس الأموال للخارج ، إمكانية التجنب / التهرب الضريبي … إلخ .
5 – نظرية الموقع المعدلة ( MODIFIED LOCATIONAL THEORY ) :
تتشابه هذه النظرية مع نظرية الموقع السابق عرضها في الكثير من الجوانب ، غير أنها تضيف بعض المحددات أو العوامل الأخرى التي قد تؤثر على الاستثمارات الأجنبية و يمكن تلخيص هذه العوامل من واقع إسهامات " ربوك سيموندس " ( REBOKC and SIMONDS ).
المراجـع:
1- د. كاميرام عايد أيوب ، التسويق وتدعيم القدرة التنافسية للتصدير ( جامعة أربيل : معهد الكفاية الإنتاجية ، 2001).
2-د. مريم عبد العزيز شيخ موسى ، إدارة التسويق-أسس و مبادئ علمية -كردستان:مكتبة عين القمر ،1977.
3-د. رفيدة عبد العزيز ،أساسيات التسويق ،  الجزء الأول، جامعة السليمانية :كلية التجارة ، قسم إدارة الأعمال،1996.
نقلا عن :

Committee of definitions,American Marketing Assouciation a clossary of Marketing Terms , Chicago , 1960,.

4- د. كاميرام عايد أيوب ، نقلا عن :

Philip Kotler , Marketing management ; Analysis , planing and control, Prentice hall , INC , NEW Jersy , 1984

5-

Jocques lendrevie , D. Lindon and R. Laufev ," MERKATOR Theorie et pratique du Marketing" 3 eme editin ,

Dalloz , Paris 1983,p12.

6-أحمد فلاح " التسويق الدولي في عالم متغير – مدخل ديناميكي استراتيجي "– ( رسالة ماجسير غير منشورة ، مكتبة كلية الإقتصاد والتسيير ، جامعة الجزائر 2002 ) ، ص 19 .

7-د/ توفيق محمد عبد المحسن ، مرجع سبق ذكره ، ص 10 .

8-د/ محمد فريد الصحن ، مبادئ التسويق (الاسكندرية ، الدار الجامعية ،1993)،ص9.

9- هاني حامد المنصور ، التسويق الدولي ( الطبعة الأولى ، عمان " مؤسسة وائل للنسخ السريع" 1994 ) ص11. نقلا عن : A MA , loc-cit

10-بشير عباس العلاق وقحطان بدر العبدلي ، إدارة التسويق ( عمان ، دار زهران . 1999) ص 374.

11- فريد البخار إ دارة منظومات التسويق العربي و الدولي ، (الإسكندرية :مؤسسة شباب الجامعة، 1998)،ص40.
12- عمرو حسن خير الدين ، التسويق الدولي ( مجهول دار و بلد و النشر ، 1996 ) ،ص27 .
13- عبد الواحد العفوري ، العولمة واللغات : التجديات والفرص ، ( الطبعة الأولى القاهرة مكتبة : مدبولي ، 2000 ) ص26
14- دومينيك سالفادور ، محمد عبدالعزيز شيخموس، نظريا ت ومسائل في الإقتصاد الدولي ، ( الجزائر : ديوان المطبوعات الجامعية1993 ) ، ص 46.
15- جودة عبد الخالق ، الاقتصاد الدولي : من المزايا النسبية إلى التبادل اللامتكافئ ، ( دار النهضة العربية ، 1992 ) ، ص60 .
16- ولاة أزاد ، مقدمة في إدارة أعمال الدولية ، ط1:( اربيل، مكتبة ومطبعة شيراز، 2010م)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق