السبت، 22 ديسمبر 2012

Corporate Governance حوكمة الشركات

إليكم من جمهورية كردستان...



مقدمة :
 
إن ما يشهده العالم الآن من تحرير لاقتصاديات السوق وما يتبعها من تحرير للأسواق المالية، مما يترتب عليها تزايد انفصال رؤوس الأموال والتوسع في حجم الشركات، وانفصال الملكية عن الإدارة، كل ذلك أدى إلى ضرورة الاستعانة بآليات جديدة للرقابة من خلال إطار تنظيمي يضمن حماية رؤوس الأموال في الشركات والمشروعات.
كل هذه التغيرات والتفاعلات الاقتصادية الجديدة عرضت الشركات للمنافسة الشرسة ولقدر كبير من التذبذبات الرأسمالية، مما نتج عنه سوء الإدارة وانتشار الفساد نتيجة للممارسات الخاطئة. ومن ثم كان لابد من تفعيل أسلوب حوكمة الشركات CORPORATE GOVERNANCE  وما يتبعها من إجراءات تستند على عدة مبادئ تدعو إلى الإدارة الصحيحة والرشيدة لهذه الشركات.
    وفى هذا الصدد تطرق العديد من الاقتصاديين والمحللين والخبراء إلى أهمية ومدى تأثير مفهوم حوكمة الشركات في العديد من النواحي الاقتصادية والقانونية والاجتماعية الهادفة إلى صالح الأفراد والمؤسسات والمجتمعات ككل بما يعمل على سلامة الاقتصاديات وتحقيق التنمية الشاملة في كل من الدول المتقدمة والناشئة على حد السواء.  وهو الأمر الذي دعا إلى تعاظم الاهتمام بآليات ومعايير وتطبيقات حوكمة الشركات في البلاد الناشئة بشكل عام والبلاد العربية بشكل خاص لتواكب مثيلاتها على المستوى العالمي، وتكون أحد أعمدة التقدم بها.
   ونظراً للتزايد المستمر الذي يكتسبه الاهتمام بهذا المفهوم فقد حرصت عدد من المؤسسات الدولية على تناول هذا المفهوم بالتحليل والدراسة؛ وعلى رأس هذه المؤسسات كل من صندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD التي أصدرت في عام 1999 مبادئ حوكمة الشركات Corporate Governance Principles والمعنية بمساعدة كل من الدول الأعضاء وغير الأعضاء بالمنظمة لتطوير الأطر القانونية والمؤسسية لتطبيق حوكمة الشركات بكل من الشركات العامة أو الخاصة سواء المتداولة أو غير المتداولة بأسواق المال من خلال تقديم عدد من الخطوط الإرشادية لتدعيم إدارة الشركات وكفاءة أسواق المال واستقرار الاقتصاد ككل. ويدعم هذا ما أكدت عليه المنظمة العالمية لمشرفي الأوراق المالية(IOSCO) International Organization for Securities Commissions في مايو 2002 من أهمية انتهاج مبادئ OECD لحوكمة الشركات؛ وذلك للحفاظ على سلامة أسواق المال واستقرار الاقتصاديات.
    وتتناول المبادئ الخمسة الصادرة في 1999 منOECD تطبيقات حوكمة الشركات في شأن: الحفاظ على حقوق حملة الأسهم، وتحقيق المعاملة العادلة لحملة الأسهم، وإزكاء دور أصحاب المصالح، والحرص على الإفصاح والشفافية،وتأكيد مسئولية مجلس الإدارة.








أولاً : مشكلة البحث :- إن الانهيارات المذهلة لمنشآت الأعمال – مثل الفضيحة الشهيرة لبنك الاعتماد والتجارة الدولي، وكارثة بنوك الادخار والإقراض Saving and loan Banks في الولايات المتحدة، والفجوة الكبيرة بين مرتبات ومكافآت المسئولين التنفيذيين في الشركات وبين أداء تلك الشركات، وكذلك افلاسات شركة إنرون وورلدكوم وغيرها من الممارسات الخاطئة في قطاعات الأعمال والاقتصاد في بعض الدول العربية، مما جعل الإخفاق في جذب المستويات الكافية من رأس المال يهدد وجود المنشآت ذاتها، مما يكون لـه أثار شديدة الوطأة على الاقتصاديات، وإضاعة المكاسب الاجتماعية والاقتصادية، مما أفقد هذه الشركات مصداقية الجدوى المالية لها وافتقاد الشفافية في كل ما يتصل بقوائمها المالية وإجراءاتها في المحاسبة والمراجعة.
لذا فإننا من خلال هذا البحث سيحاول الباحث تفعيل دور حوكمة الشركات في محاربة الفساد وسوء الإدارة حتى يمكن توطيد العلاقة بين الشركة ومساهميها بهدف حماية مصالحهم واستثماراتهم المالية.

ثانياً : أهمية البحث:- إن المستثمرين يسعون إلى الشركات التي تتمتع بهياكل حوكمة سليمة، حيث إنها تلك المجموعة من "قواعد اللعب" التي تجرى بموجبها إدارة الشركة داخلياً، كما يتم وفقاً لها إشراف مجلس الإدارة على الشركة، بهدف حماية المصالح والاستثمارات المالية للمساهمين في ظل وجود الشافية والإفصاح الكامل عن كل ما يتصل بنتائجها المالية في الوقت المناسب لتفادى الأزمات المالية التي فجرها الفساد وسوء الإدارة في الآونة الأخيرة.
    لذا فان أهمية البحث تنطلق من ضرورة التطبيق السليم للمعايير المحاسبية ومعايير المراجعة لتفادى الفشل المالي والأزمات الاقتصادية حتى يمكن قيام نظام قوى لحوكمة الشركات، مع عدم إغفال أهميتها في القطاع العام بجانب القطاع الخاص لمحاولة القضاء على انتشار الفساد في القطاع العام لضمان حصول الشعب على عائد عادل من الأصول الوطنية، واستمرار النشاط الإقتصادي وتحقيق النمو، ودعم القرارات التنافسية.

ثالثاً : فروض البحث
1-  إن طلب الشفافية والإفصاح الكامل في إجراءات المحاسبة والمراجعة والتطبيق السليم لمعايير المحاسبة والمراجعة المتعارف عليها يساعد أسلوب حوكمة الشركات في محاربة الفساد.
2-إن نظم المحاسبة المالية تعمق مفهوم المساءلة وبالتالي تقديم نظام عادل لنقل المعلومات وتبادلها بين إدارة الشركة والمستثمرين مما يؤدى إلى دعم الثقة والحفاظ على مصالح كل الأطراف.

رابعاً : هدف البحث :-  من خلال استعراض مشكلة البحث والتعرف على طبيعتها وأهمية تناولها، فإن الباحث سيحاول إعطاء تصوراً قد يساعد في تفعيل دور حوكمة الشركات في محاربة الفساد وسوء الإدارة، وإيضاح مدى أهمية دور المحاسبة والمراجعة في هذا المجال.

خامساً : منهجية البحث
   يتبع الباحث أسلوب الدراسة المكتبية وما تناولته الكتابات المختلفة في مجال حوكمة الشركات ودور المحاسبة والمراجعة في المساعدة على تطبيق أساليب الإدارة الرشيدة وتعميق مفهوم المساءلة، وتصحيح الخطط والاستراتيجيات.
سادساً محتويات البحث
يحتوى البحث على فصلين كالآتي:
الفصل الأول : حوكمة الشركات- الاستراتيجيات المضادة للفساد
1-1             الإطار التاريخي لنشأة حوكمة الشركات.
1-2             مفهوم ومبادئ حوكمة الشركات .
1-3             أهداف حوكمة الشركات.
1-4             العناصر الأساسية لتطبيق حوكمة الشركات.
الفصل الثاني : المحاسبة والمراجعة قوى دافعة في الإدارة الرشيدة
2-1 - حوكمة الشركاتالرقابة ضد الفساد المالي.
2-2 - أهمية المحاسبة السليمة وإتباع المعايير الدولية لقياس الأداء.
2-3 - الرقابة الداخلية ودور لجان المراجعة في تطبيق حوكمة الشركات.
2-4 - إثبات فروض البحث.


 



الفصل الأول: حوكمة الشركات (الاستراتيجيات المضادة للفساد).
1-1-  الإطار التاريخي لنشأة حوكمة الشركات: [1] 
 وإذا بحثنا في الأدبيات الاقتصادية لحوكمة الشركات نجد إنه في عام 1932 كل من Berle وMeans كانا من أوائل من تناول فصل الملكية عن الإدارة والتي تجئ آليات حوكمة الشركات لسد الفجوة التي يمكن أن تحدث بين مديري ومالكي الشركة من جراء الممارسات السلبية التي من الممكن أن تضر بالشركة وبالصناعة ككل.  وكذلك  تطرق كل منJensen and Meckling  في عام 1976 و Fama في عام 1980 إلى "مشكلة الوكالة" Agency Problem حيث أشارا إلى حتمية حدوث صراع بالشركة عندما يكون هناك فصل بين الملكية والإدارة. وفى هذا السياق يؤكدMitchell et al. (1996) وMonks وMinow (2001) عن إمكانية حل مشكلة الوكالة من خلال التطبيق الجيد لآليات حوكمة الشركات.
http://www.cipe-arabia.org/files/html/images/logo.JPG
أما في الآونة الأخيرة، فقد تعاظمت بشكل كبير أهمية حوكمة الشركات لتحقيق كل من التنمية الاقتصادية والحصافة القانونية والرفاهة الاجتماعية للاقتصاديات والمجتمعات.
فعلى الصعيد الاقتصادي، تتنامى أهمية إتباع القواعد السليمة لحوكمة الشركات للآتي: [2] 
·        ضمان قدر ملائم من الطمأنينة للمستثمرين وحملة الأسهم على تحقيق عائد مناسب لاستثماراتهم؛ مع العمل على الحفاظ على حقوقهم وخاصة حائزى أقلية الأسهم.
·        تعظيم القيمة السهمية للشركة Maximizing Shareholder Value، وتدعيم تنافسية الشركات في أسواق المال العالمية؛ وخاصة في ظل استحداث أدوات وآليات مالية جديدة، وحدوث اندماجات أو استحواذ أو بيع لمستثمر رئيسي ...إلخ.
·        التأكد من كفاءة تطبيق برامج الخصخصة وحسن توجيه الحصيلة منها إلى الاستخدام الأمثل لها، منعاً لأي من حالات الفساد التي قد تكون مرتبطة بذلك.
·        توفير مصادر تمويل محلية أو عالمية للشركات سواء من خلال الجهاز المصرفي أو أسواق المال؛ وخاصة في ظل تزايد سرعة حركة انتقال التدفقات الرأسمالية.
·        تجنب الانزلاق في مشاكل محاسبية ومالية، بما يعمل على تدعيم واستقرار نشاط الشركات العاملة بالاقتصاد، ودرأ حدوث انهيارات بالأجهزة المصرفية أو أسواق المال المحلية والعالمية، والمساعدة في تحقيق التنمية والاستقرار الاقتصادي.
وهو الأمر الذي أكده Winkler بشدة حيث أشار إلى أهمية حوكمة الشركات في تحقيق التنمية الاقتصادية وتجنب الوقوع في مغبة الأزمات المالية، من خلال ترسيخ عدد من معايير الأداء، بما يعمل على تدعيم الأسس الاقتصادية بالأسواق وكشف حالات التلاعب والفساد وسوء الإدارة بما يؤدى إلى كسب ثقة المتعاملين في هذه الأسواق، والعمل على استقرارها والحد من التقلبات الشديدة بها، بما يعمل على تحقيق التقدم الاقتصادي المنشود. [3] 
حوكمة الشركات والتنمية الاقتصادية
تعمل حوكمة الشركات على كفاءة استخدام الموارد وتعظيم قيمة الشركة وتدعيم تنافسيتها بالأسواق، بما يمكنها من جذب مصادر تمويل محلية وعالمية للتوسع والنمو، يجعلها قادرة على خلق فرص عمل جديدة؛ مع الحرص على تدعيم استقرار أسواق المال والأجهزة المصرفية، الأمر الذي يؤدى إلى تحقيق الكفاءة والتنمية الاقتصادية المطلوبة.
 وعلى الصعيد القانوني،[4]  يهتم القانونيون بأطر وآليات حوكمة الشركات لأنها تعمل على وفاء حقوق الأطراف المتعددة بالشركة، وخاصة مع كبرى الشركات في الآونة الأخيرة. إذ تضم هذه الأطراف حملة الأسهم ومجلس الإدارة والمديرين والعاملين والمقرضين والبنوك وأصحاب المصالح...إلخ.  ولذا فإن التشريعات الحاكمة واللوائح المنظمة لعمل الشركات تعد هي العمود الفقري لأطر وآليات حوكمة الشركات؛ حيث تنظم القوانين والقرارات - بشكل دقيق ومحدد- العلاقة بين الأطراف المعنية في الشركة والاقتصاد ككل.
القوانين المرتبطة بتطبيقات حوكمة الشركات
تتداخل قواعد حوكمة الشركات بعدد من القوانين، مثل: قوانين الشركات، وأسوق المال، والبنوك، والإيداع والحفظ المركزي، والمحاسبة والمراجعة، والمنافسة ومنع الاحتكار، والضرائب، والعمل، والخصخصة، والبيئة، وغيرها.
وفى هذا الصدد، يشير زينجاليس Zingales إلى إن الأشكال المختلفة للعقود بين كافة الأطرف المعنية في الشركة تمثل حجر الأساس في تنظيم العلاقات التعاقدية بينهم بما يمكن أن يعمل على ضمان حقوق كل طرف منهم. وتأتى أهمية حوكمة الشركات من الناحية القانونية للتغلب على سلبيات تنفيذ التعاقدات التي يمكن أن تنتج من ممارسات سلبية تنتهك صيغ العقود المبرمة أو القوانين والقرارات والنظم الأساسية المنظمة للشركة. ومن ثم يؤكد كثير من القانونيين على مسئوليات العهدة بالأمانة Fiduciary Responsibilities والتي يؤديها المديرون قِبَل الأطراف الأخرى بالشركة لضمان حقوقهم.
وفى هذا الصدد اقترحت مؤسسة التمويل الدولية Institute of International Finance (IIF) ففي 2002 تم إصدار بنود تشريعية لحوكمة الشركات Codes of Corporate Governance والتي يمكن أن يتم تضمينها بكل من قوانين أسواق المال والشركات؛ كما تؤكد المؤسسة إنه على الرغم من أهمية البنود التشريعية المقترحة، إلا إن الأمر الذي يفوقها أهمية هو مدى كفاءة المناخ التنظيمي والرقابي حيث يتعاظم دور أجهزة الإشراف في متابعة الأسواق؛ وذلك بالارتكاز على دعامتين هامتين: الإفصاح والشفافية، والمعايير المحاسبية السليمة.[5]
   وفى هذا السياق تعد الانهيارات المالية لعدد من الشركات الأمريكية خلال عام 2002، وعلى رأسها كل من شركة "إنرون" و"وورلد كوم" من أبرز الأمثلة الدافعة لإيلاء مزيد من الاهتمام لمعايير الإفصاح والمعايير المحاسبية الحصيفة. ومن ثم ولإحداث مزيد من الانضباط فقد تم صدور تشريع جديد في الولايات المتحدة يسمى "ساربنز- أوكسلى" Sarbanes-Oxley Act، مؤكداً على أهمية انتهاج آليات دورية وسريعة لإحداث الإفصاح والشفافية الفعالة. وكذلك أوجد التشريع الجديد لجان مراجعة داخلية تتشكل من أعضاء مستقلين لمتابعة أعمال المراجعة في حيادية تامة؛ بالإضافة إلى إن التشريع الجديد الخاص بالمحاسبة والمراجعة قد أشار إلى أهمية إنشاء جهاز يتابع ويراقب أداء شركات المحاسبة والمراجعة لضمان كفاءة أداء مهامها.
وفى نفس السياق ولتفعيل آليات أكثر تماسكاً فيما يتعلق بمعايير الإفصاح والمحاسبة، فقد أعلنت منظمة OECD في نوفمبر 2002 إنه جارى تحديث مبادئ حوكمة الشركات التي أصدرتها لتتواكب مع ديناميكية الحركة التي تفرضها أسواق المال على مستوى العالم. [6]  
حوكمة الشركات والحصافة القانونية
بالرغم من اختلاف القوانين والنظم الأساسية المرتبطة بحوكمة الشركات بين الدول، إلا إن الأنظمة القانونية  تعد هي صمام الأمان الرئيسي الضامن  لحوكمة جيدة للشركات.  كما إن كل من معايير الإفصاح والشفافية ومعايير المحاسبة الحصيفة يجب أن تكون هي عصب مبادئ حوكمة الشركات.
أما على الصعيد الاجتماعي، [7] فيتناول Turnball مفهوم حوكمة الشركات في معناه الأشمل والذي لا يضم فقط الشركات الاقتصادية ولكن يمتد ليشمل كل المؤسسات العاملة بالمجتمع سواء كانت مملوكة للقطاع العام أو الخاص والتي يرتبط نشاطها إما بإنتاج سلعة أو تقديم خدمة، والتي تؤثر على رفاهة الأفراد والمجتمع ككل.
ولذا فالإطار الأشمل لمفهوم الحوكمة Governance يكون مرتبطاً ليس فقط بالنواحي القانونية والمالية والمحاسبية بالشركات، ولكنه يرتبط كذلك ارتباطاً وثيقاً بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وسلطة التحكم بوجه عام. ويمكن القول إنه إذا صلحت الشركة كنواة صلح الاقتصاد ككل، وإذا فسدت فإن تأثيرها من الممكن أن يمتد ليضر عدد كبير من فئات الاقتصاد والمجتمع. ولذا وجب التأكيد على ضرورة الاهتمام بأصحاب المصالح Stakeholders سواء من لهم صلة مباشرة أو غير مباشرة مع الشركة.  كما تجدر الإشارة إلى أهمية المسئولية الاجتماعية للشركاتCorporate Social Responsibility (CSR)؛ والتي لا تهتم فقط بتدعيم مكانة وربحية الشركة، ولكنها تهتم كذلك بتطور الصناعة واستقرار الاقتصاد وتقدم ونمو المجتمع ككل. وهذا الاتجاه ما أكد عليه Hopkins (2000)، وأوصى بأهمية توجيه مزيد من الاهتمام به على مستوى العالم. [8]
ومن هذا المنطلق يتم التأكيد على إن حوكمة الشركات هي سبيل التقدم لكل من الأفراد والمؤسسات والمجتمع كلل؛ وذلك لأنه من خلال تلك الآلية التي توفر للأفراد قدر مناسب من الضمان لتحقيق ربحية معقولة لاستثماراتهم؛ وفى ذات الوقت تعمل على قوة وسلامة أداء المؤسسات؛ ومن ثم تدعيم استقرار وتقدم الأسواق والاقتصاديات والمجتمعات
حوكمة الشركات والرفاهة الاجتماعية
إن الشركات تؤثر وتتأثر بالحياة العامة، حيث إن أداءها يمكن أن يؤثر على الوظائف والدخول والمدخرات والمعاشات ومستويات المعيشة، وغيرها من الأمور المرتبطة بحياة الأفراد والمؤسسات بالمجتمع، ومن ثم فيجب أن تكون الشركات مساءلة عن التزامها في الإطار الأشمل لرفاهة وتقدم المجتمع.
وللأهمية الجوهرية لحوكمة الشركات في تقدم الاقتصاديات والمجتمعات فقد اهتمت عدد من الدول المتقدمة والناشئة بترسيخ القواعد والتطبيقات الجيدة لها لاستقرار الأسواق بتلك الاقتصاديات. ففي خلال عام 2002، قامت عدد  من الدول ببعض الخطوات الهامة في سبيل تدعيم فعاليات حوكمة الشركات بها، ومنها على سبيل المثال:[9]
·     الولايات المتحدة:    قامت بورصة نيويورك (NYSE) باقتراح قواعد للقيد تلزم الشركات بتحديد مديرين مستقلين لحضور اجتماع مجلس الإدارة.كما قامت الرابطة القومية لمديري الشركات National Association of Corporate Directors بتشكيل لجنة لمتابعة مخاطر الشركات لتدعيم المديرين المستقلين والمراجعة الدورية للمخاطر المحتملة.
·     اليابان: أعلنت بورصة طوكيو (TSE) إنها ستقوم بوضع دليل للتطبيقات الجيدة لحوكمة الشركات لتهتدي بها المؤسسات اليابانية؛ وذلك في سبيل الإعداد لمعايير محلية يابانية، وخاصة في ظل توقع بدء سريان العمل بالقانون التجاري الياباني في 2003.
·     المفوضية الأوروبية: أناطت إلى فريق عمل عال المستوى ببروكسل مهمة تطوير وتوحيد الإطار التشريعي لقانون الشركات؛ لتدعيم الإفصاح، وحماية المستثمرين.
·     أمريكا اللاتينية: اجتمع عدد من المهتمين بحوكمة الشركات في سبعة دول في سان باولو للاتفاق على تفعيل مشاركتهم في رابطة مؤسسات حوكمة الشركات بأمريكا اللاتينية Latin American Institutes of Corporate Governance
  و تنبع الحاجة الأصلية لحوكمة الشركات من الفصل بين الملكية والإدارة في الشركات ذات الملكية العامة، ويسعى المستثمرون إلى المشاركة في مؤسسات وشركات ناجحة تأتى لهم بالأرباح – لذا فإن حوكمة الشركات أصبحت من الموضوعات الملحة على جدول أعمال المؤسسات والمنظمات الدولية، حيث أن هناك الكثير من الأحداث الاقتصادية السلبية والتي استحوذت على اهتمامات كل من مجتمع الأعمال الدولي، والمؤسسات المالية الدولية مثل فضيحة بنك الائتمان والتجارة الدولي، وأزمة المدخرات والقروض في الولايات المتحدة، والفجوة القائمة بين مكافآت الإدارة وأداء الشركات، وغيرها من حالات الفشل الإقتصادي الذريع في بعض دول آسيا والدول النامية والاقتصاديات المتحولة والأسواق الناشئة، وبالتأكيد مما تتعرض له بعض الممارسات الإقتصادية في البلاد العربية من فساد وسوء إدارة يؤدى بها في النهاية إلى الإخفاق وفقد قدرتها التنافسية والقضاء على المكاسب الاقتصادية والاجتماعية مما تمثل عبء وعائق على المجتمعات والاقتصاد الكلى. [10]   
وعلى الجانب الآخر فإن المستثمرون يرفضون سداد فاتورة الفساد وسوء الإدارة وبالتالي فإنهم يلجأون إلى طلب إثبات أن الشركات التي سوف يساهمون بها تدار وفق ممارسات سليمة تقلل إلى أدنى حد احتمالات الفساد وسوء الإدارة، ويبحث المستثمرون أيضاً عن الشركات التي بها هياكل سليمة لحوكمة الشركات.
لذا فإنه حتى يكون هناك فوائد واضحة للشركات والدول من حوكمة الشركات إتباع هذا الأسلوب، فإن ذلك يتطلب إدخال تشريعات وتعديلات أساسية، وتغيير استراتيجيات الإدارة حتى يمكن تأسيس وصيانة إطار مؤسسي مناسب، وبالتالي سيكون هناك قواعد وهياكل ملزمة لك الأطراف ومن هنا ظهرت الحاجة الماسة إلى حوكمة الشركات.

1-2-مفهوم ومبادئ حوكمة الشركات[11]
   لفظ الحوكمة هو الترجمة للأصل الإنجليزي للكلمة " Governance " ، والذي توصل إليه مجمع اللغة العربية في محاولة لتعريب الكلمة، حيث أن لها معان أخرى مثل الإدارة الرشيدة و الحاكمية، لذا يطلق على اصطلاح " Corporate Governance " لفظ حوكمة الشركات.
ويشير مفهوم حوكمة الشركات إلى القوانين والقواعد والمعايير التي تحدد العلاقة بين إدارة الشركة من ناحية وأصحاب المصالح أو الأطراف المرتبطة بالشركة من ناحية أخرى، بحيث يضمن الممولون حسن استغلال الإدارة لأموالهم وتعظيم الربحية، وتحقيق الرقابة الفعالة.
أن حوكمة الشركات تعنى بالمفهوم الأوسع كيفية وضع هيكل يسمح بقدر كبير من الحرية في ظل سلطة القانون، وتشمل التغييرات الأساسية تبنى المعايير الدولية للشفافية والوضوح والدقة في البيانات المالية حتى يتمكن الدائنون والمقرضون من مقارنة احتمالات الاستثمار بسهولة.
هذا وقد حددت منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية تعريفاً لحوكمة الشركات بأنها ذلك النظام الذي يتم من خلاله توجيه وإدارة الشركات، ويحدد من خلاله الحقوق والمسئوليات بين مختلف الأطراف مثل مجلس الإدارة والمديرين والمساهمين وغيرهم من أصحاب المصالح، كما انه يحدد قواعد وإجراءات اتخاذ القرارات المتعلقة بشئون الشركة، وكذلك تحديد الهيكل الذي يتم من خلاله وضع أهداف الشركة ووسائل تحقيقها وآليات الرقابة على الأداء.
 ويثير مصلح حوكمة الشركات بعض الغموض لثلاثة أسباب رئيسية مرتبطة بحداثة هذا الاصطلاح وهى :- [12]
1-على الرغم من أن مضمون حوكمة الشركات وكثير من الأمور المرتبطة به ترجع إلى أوائل القرن التاسع عشر، حيث تناولتها نظرية المشروع وبعض نظريات التنظيم والإدارة، إلا أن هذا المفهوم لم يتبلور إلا منذ قرابة عقدين أو ثلاثة عقود مضت.
2
-عدم وجود تعريف قاطع وواحد لهذا المفهوم، فالبعض ينظر إليه من الناحية الاقتصادية على انه الآلية التي تساعد في الحصول على التمويل، وتضمن تعظيم قيمة أسهم الشركة واستمرارها في الأجل الطويل، وآخرون يعرفونه من الناحية القانونية على انه يشير إلى طبيعة العلاقة التعاقدية من حيث كونها كاملة أم غير كاملة والتي تحدد حقوق وواجبات حملة الأسهم وأصحاب المصالح من ناحية، والمديرين من ناحية أخرى، وفريق ثالث ينظر إليه من الناحية الاجتماعية والأخلاقية من واقع المسئولية الاجتماعية وتحقيق التنمية الاقتصادية.
3-إن مفهوم حوكمة الشركات مازال في طور التكوين ومازالت كثير من قواعده ومعاييره في مرحلة المراجعة والتطوير.
4-وقد وردت تعاريف عديدة عن الحوكمة، إذ تم تعريفها على إنها "ذلك النظام الذي يتم من خلاله إدارة وتوجيه وتنظيم ومراقبة المؤسسات أو الإجراءات التي توجه وتدير الشركات وتراقب أداؤها بحيث تضمن الوصول إلى تحقيق رسالته والأهداف المرسومة لها" أي ما معناه تضمن مصالح جميع الأطراف المدراء Managers، والمستخدمون Employees، والمجهزون Suppliers، والزبائن Customers، والمراقبون Controllers، وأصحاب المصالح Stakeholders، والمساهمون Shareholders، والمجتمع Society .
       كما تم تعريفها على إنها "مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التي تهدف الى تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالية لتحقيق خطط وأهداف المنظمة" .
       أما مجمع المدققين الداخليين الأمريكي فقد عرفها على إنها "عمليات تتم من خلال إجراءات تستخدم بواسطة ممثلي أصحاب المصالح بتوفير إشراف على المخاطر وإدارتها بواسطة الإدارة ومراقبة مخاطر الشركة والتأكيد على كفاية الضوابط الرقابية لتجنب هذه المخاطر، مما يؤدي إلى المساهمة المباشرة في انجاز أهداف وخطط قيمة للشركة مع الأخذ بنظر الاعتبار أن أداء أنشطة الحوكمة تكون مسؤولية أصحاب المصالح في الشركة تحقيق فعالية الوكالة" .
ومع ذلك فإن هناك شبه اتفاق بين الباحثين والممارسين حول أهم محدداته وكذلك معايير تقييمه حيث يحمل مجموعة من القواعد والتنظيمات القانونية والمحاسبية والمالية والاقتصادية التي تحكم الإدارة في أداء عملها وتمكنها من الوفاء بمسئوليتها.
وقد شارك كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مع منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية فى دراسة آلية حوكمة الشركات ومدى فاعليتها فى الأسواق المتقدمة والناشئة وانتهت هذه الدراسة إلى صياغة ما يسمى "مبادئ حوكمة الشركات" Principles of Corporate Governance وتشتمل على الآتي: [13] 
1)  -المبادئ الخاصة بحقوق المساهمين.
2)  -المبادئ الخاصة بالمساواة في معاملة المساهمين.
3)  -المبادئ الخاصة بدور ذوى الشأن والمصالح في حوكمة الشركات.
4)  -المبادئ الخاصة بالإفصاح والشفافية.
5)  -المبادئ الخاصة بمسئوليات مجلس الإدارة.
وهذه النقاط تعتبر مرجعية بالإمكان استخدامها من قبل صانعي السياسة عند إعدادهم للأطر القانونية والتنظيمية للحوكمة في الشركات، وذلك بما يتفق مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بهم، حيث تعد هذه المبادئ دائمة التطور بطبيعتها، وينبغي على الشركات أن تدخل التجديدات المستمرة على أساليب ممارسة الحوكمة، وأن تطوع تلك الأساليب على النحو الذي يكون من شأنه دعم القدرة التنافسية بها.
كما انه يقع على عاتق الحكومات مسئولية هامة لتشكيل إطار تشريعي فعال يوفر المرونة الكافية التي تكفل بدورها للأسواق إمكانية العمل بكفاءة والاستجابة لتوقعات المساهمين وغيرهم من الأطراف أصحاب المصلحة، كما يترك للحكومات والمتعاملين في السوق حرية تقرير كيفية تطبيق هذه المبادئ عند تطوير الأطر الخاصة بالحوكمة مع وضع تكاليف ومنافع التطبيق فى الحسبان.
إن التزام الشركات بتطبيق مبادئ الأساليب السليمة للحوكمة في الشركات تعتبر بمثابة عامل متزايد الأهمية بالنسبة لقرارات الاستثمار، ومن الجوانب ذات الصلة الخاصة وبذلك تبرز العلاقة بين جوانب أساليب حوكمة الشركات وبين الطبيعة العالمية المتزايدة لعملية الاستثمار، حيث أن التدفقات العالمية للاستثمار تمكن الشركات من الحصول على تمويل من جانب اكبر عدد من المستثمرين.

1-3- أهداف حوكمة الشركات
    إن الممارسات الجيدة لحوكمة الشركات سيساعدها على جذب الاستثمارات ودعم الأداء الاقتصادي والقدرة على المنافسة في المدى الطويل وذلك من خلال تحقيق الأهداف الآتية:- [14]
-العدالة والشفافية في معاملات الشركة وحق المساءلة بما يسمح لكل ذي مصلحة مراجعة الإدارة حيث أن الحوكمة تقف في مواجهة الفساد.
-حماية المساهمين بصفة عامة وتعظيم عائدهم وذلك بتبني معايير الشفافية في التعامل معهم لمنع حدوث الأزمات الإقتصادية.
-منع المتاجرة بالسلطة في الشركة وذلك من خلال ضمان وجود هياكل إدارية يمكن معها محاسبة الإدارة أمام المساهمين.
-ضمان مراجعة الأداء المالي وحسن استخدام أموال الشركة من خلال تكامل نظم المحاسبة والمراجعة.
5  -الإشراف على المسئولية الاجتماعية للشركة في ضوء قواعد الحوكمة الرشيدة.
6  
-تحسين الإدارة داخل الشركة والمساعدة على تطوير الاستراتيجيات وزيادة كفاءة الأداء.
1-4- العناصر الأساسية لتطبيق حوكمة الشركات
    أصبحت درجة التزام الشركات بتطبيق مبادئ الحوكمة أحد المعايير الأساسية التي يضعها المستثمرون في اعتبارهم عند القيام باتخاذ قرارات الاستثمار، خاصة في ظل النظام الإقتصادي العالمي الحالي والذي يتسم بالعولمة واشتداد المنافسة بين الشركات والمؤسسات المختلفة لدخول أسواق المال سواء المحلية أو العالمية من أجل الاستثمار.
لذا فإن تطبيق حوكمة الشركات من شأنه محاربة الفساد والعمل على مزيد من فرص الاستثمار والتنمية الاقتصادية.
وهناك مجموعة من العناصر الأساسية التي يجب توافرها لدعم التطبيق السليم للحوكمة داخل الشركات وهى كما يلي:- [15]  
-وضع أهداف إستراتيجية ومجموعة القيم والمبادئ التي تكون معلومة للجميع
 
حيث انه يجب على مجلس الإدارة أن يضع الاستراتيجيات اللازمة لتوجيه وإدارة النشاط، وتطوير المبادئ في الإدارة بما يساعد على منع الفساد والرشوة سواء بالنسبة للمعاملات الداخلية أو الخارجية
كما يجب أن يضمن مجلس الإدارة قيام الإدارة العليا بتنفيذ سياسات من شأنها منع أو تقييد الممارسات والعلاقات التي تضعف من كفاءة تطبيق الحوكمة
2-وضع وتنفيذ سياسات واضحة للمسئولية في الشركة
وذلك عن طريق تحديد السلطات والمسئوليات الأساسية للمجلس وكذلك الإدارة العليا، مع التزام الإدارة العليا بتحديد المسئوليات المختلفة للعاملين داخل الهيكل التنظيمي طبقاً للوظائف
3  
-ضمان كفاءة أعضاء مجلس الإدارة وإدراكهم لدورهم فى عملية الحوكمة
حيث يجب أن يتوفر لدى الأعضاء معلومات لحظية كافية تمكنهم من الحكم على أداء الإدارة لتحديد أوجه القصور وبالتالي اتخاذ إجراءات التصحيح المناسبة، مع تدعيم الاستقلالية والموضوعية لدى الأعضاء مع ضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين لتطوير الاستراتيجيات
    إن تطبيق حوكمة الشركات على النحو السليم لا تعنى فقط مجرد احترام مجموعة من القواعد وتفسيرها تفسيراً ضيقاً وحرفياً، إنما هي ثقافة وأسلوب في ضبط العلاقة بين مالكي الشركة ومديريها والمتعاملين معها، لذلك فكلما اتسع النطاق في استخدامها كانت المصلحة أكبر للمجتمع
وتشير معظم الأدبيات إلى أن التطبيق الجيد لحوكمة الشركات يتطلب خصائص تتمثل بالمصداقية والشفافية والاتصال والمعلومات والشكل التالي يوضح ذلك:


شكل (1)
خصائص التطبيق الجيد لحوكمة الشركات



 

















المصدر: إعداد الباحث بعد الاطلاع على مصادر عدة.





الفصل الثاني: المحاسبة والمراجعة قوى دافعة في الإدارة الرشيدة: 
     أصبحت قواعد إدارة الشركات اليوم موضع العديد من المناقشات بين المساهمين من المستثمرون ورجال الإدارة، ولقد تطورت نظم إدارة الشركات عبر القانون، وكان هذا التطور نتيجة للممارسات الخاطئة وتعثر الشركات وتعرضها للأزمات والتي تنشأ عن خلل في النظام، وعادة كلما كان هناك أزمة أو تعثر واضح للشركة نتيجة عدم الكفاءة وإساءة استخدام السلطة، وكل ذلك يقابل باستخدام أحد نظم قواعد إدارة الشركات. [16]  
وقد حظيت إدارة الشركات بقدر من الاهتمام لم تكن تخط به من قبل، حيث أن حالات الفشل فى الشركات قد نالت جميع من لهم صلة مباشرة بالشركات مثل المديرين والمساهمين والمحاسبين وكذلك الموظفين والعملاء والموردين وكان لها تأثير على البيئة المحيطة بها اجتماعياً واقتصادياً.
    إن العولمة تجبر العديد من الشركات في ظل تطور وسائل الاتصالات وتدويل الاقتصاد والتحولات الهيكلية في أشكال الملكية للشركات والمضي في طريق الخصخصة – كل ذلك أجبر الشركات على الحاجة إلى قواعد فعالة لإدارة الشركات وذلك لتقليل مخاطر الاستثمار وكسب خبرة تنافسية في ظل سياسات داعمة منها نظم المحاسبة والمراجعة داخل هذه الشركات.

2-1
-حوكمة الشركات - الرقابة ضد الفساد المالي والإداري:
   في ضوء الواقع العالمي أصبح هناك ضرورة ملحة للالتزام بقواعد حوكمة الشركات لتأمين وتحسين المناخ الاستثماري العام سواء كان على المستوى المحلى أو المستوى الدولي مما له من قدرة على إنعاش الاستثمار الخاص وتحفيز المدخرين على ضخ أموالهم في السوق في ظل توفير درجة عالية من الثقة للرقابة والسيطرة على المعاملات.
إن حوكمة الشركات لا تعنى فقط مجرد احترام مجموعة من القواعد وتفسيرها تفسيراً جامداً وحرفياً، وإنما هي ثقافة وأسلوب لضبط العلاقة بين مالكي الشركة ومديريها والمتعاملين معها.
  إن هناك الكثير من الممارسات والأعمال التي تتجاوز القانون والقواعد والأصول الواجبة في إدارة الشركات والأعمال وبالتالي تخالف اقتصاديات السوق الصحيحة والدقيقة وما تتضمنه من قواعد صارمة لضبط الأعمال والمعاملات والشركات لحماية الاقتصاد الوطني للدولة وحماية المستثمرون والمساهمون وكذلك جهود المستهلكين والعملاء حيث يمثلون المنظومة التي تصنع في النهاية القدرة التنافسية للاقتصاد وتخرجه عن طريق السوء والفساد والانحراف وتقوده إلى طريق النمو والانتعاش والتقدم والتحديث .
    إن الغش والخداع هما اللبنة الأولى في منظومة الفساد، واكتشاف الغش خاصة في الأمور المالية يمثل تحدياً كبيراً للمحاسبين، حيث يملك هؤلاء المفسدين أدوات جديدة ويطورونها من آن لآخر، وبالتالي لابد من مقابلتها بإجراءات وقائية متطورة تطوراً كاملاً تمثل آليات جديدة للرقابة تعمل فى ظل وضوح وجلاء أكثر.
إذا لابد من تأسيس وتنفيذ استراتيجيات وإجراءات فعالة ضد الفساد بتحديد وتضمين القواعد واللوائح القانونية وتوضيح القوانين المعنية وتبنى مبدأ الشفافية، حيث من الضروري أن تكون واضحة ومفهومه لدى جمهور المتعاملين. [17]  

1-3-عناصر الإستراتيجية المضادة للفساد [18].  
أ -إصلاح الهيئات الحكومية – ومحاربة الأداء البيروقراطي، وتقييم أساليب العمل بصفة مستمرة، مع تقوية قدرات الهيئات الحكومية الإدارية والتنفيذية من خلال تطوير قدرات العاملين ورفع مستوى خبراتهم من خلال التأهيل الجيد، وتحسين كفاءة النظام القضائي بتوفير الموارد المالية والفنية الكافية واللازمة لتنفيذ القوانين.
ب  -وضع آليات تنفيذ حوكمة الشركات: حيث أن تأسيس الإطار المؤسسي اللازم لتثبيت جذور حوكمة الشركات يتطلب إصلاح الكثير من القوانين واللوائح المعمول بها الآن فى مختلف الشركات، وذلك لتنفيذ مبادئ الحوكمة
ت-مراعاة النزاهة والعدالة فى العمل: حيث أن تحمل المسئولية وقبول المحاسبة والشفافية تجاه المساهمين وأصحاب المصلحة لا يقتصر على تحسين سمعة الشركة وجذب الاستثمارات فقط، بل يعطيها ميزة تنافسية، وبالتالي لابد من إقامة علاقات جيدة بين أصحاب المصالح لتحقيق أهداف الشركة، وجعلهم جزءاً من إستراتيجيتها طويلة المدى، فالاهتمام بأصحاب المصلحة وتحقيق الربح يسيران جنباً إلى جنب مع النمو الإنتاجي، وبمعنى آخر الاهتمام والربح يسيران جنباً إلى جنب مع الاستخدام الحكيم لرأس المال .
ث-تأسيس وممارسة حوكمة الشركات فى هياكل الشركات العامة والخاصة:
حيث أن شركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام وكلاهما مرادفاً للآخر تساهم فى الاقتصاد أكثر من شركات القطاع الخاص وبالتالي يكون لها النصيب الأكبر في الناتج الوطني والتوظيف والدخل واستخدام رأس المال وبالتالي تشكيل السياسات العامة – وإن كان الاتجاه إلى ما يسمى بإدارة الأصول في هذه الشركات – أي التخلص منها وبيعها والاندماج في اقتصاديات السوق الجديدة وإن كان هذا الاتجاه لا ينفي ضرورة إتباع أساليب الحوكمة لتحقيق التنمية الاقتصادية وإدارة الموارد بكفاءة ونزاهة وزيادة الإنتاجية وحماية حقوق العاملين.
إن الممارسات الجيدة فى الإدارة والتركيز على القيم تؤدى إلى تحقيق الأرباح المالية المستمرة حيث يؤدى ذلك إلى تحسين العلاقة والتعامل الجيد مع أصحاب المصلحة.

1-4-أهمية المحاسبة السليمة وإتباع المعايير الدولية لقياس الأداء:
   بينما تتزايد درجة العولمة على مستوى الاقتصاديات المحلية من خلال تبسيط القواعد واصطلاحات السوق – تتزايد الحاجة أيضاً لإيجاد نقطة تلاقي بين المعايير المعمول بها في إعداد التقارير المالية على المستوى المحلى وبين معايير المحاسبة الدولية، ولكن لتحقيق درجة أكبر من الشفافية على المستوى العالمي في إطار المساءلة، يجب توافر المؤسسات اللازمة لاقتصاد السوق الحر قبل حدوث هذا التوافق، وبالتالي إن تعبئة الموارد المالية يؤدى إلى مثل هذا التوافق.
   إن الخبرة الدولية تثبت أن عمليات الغش في القوائم المالية والتلاعب في المراكز المالية تهدف إلى حصول الإدارة العليا للشركات على مكافآت وتعويضات إضافية غير حقيقية بإثبات تحقيق الهدف من الخطط الموضوعة بالشركة على عكس الحقيقة وهذا ما ينطوي تحت التدليس المالي والمحاسبي – لذا فإن تطوير وتطبيق الأساليب الحديثة المرتبطة بحوكمة الشركات واحترام القوانين والأعراف المحاسبية والمالية والإدارية يستوجب الشفافية والإفصاح عن مؤشرات الأداء للشركات والمتمثلة في تنفيذ مؤشرات السوق وتطبيقها وكيفية استخدام الموارد المحددة والتكامل مع المتنافسين وكذلك مؤشرات التشغيل الداخلية حيث يتعين التركيز على جودة الأداء في الإجراءات وبالتالي جودة المخرجات مع مراعاة التكلفة.
   وأصبح من المؤكد أن للمحاسبة دور رئيسي وفعال في خدمة الاقتصاديات، مما أدى إلى ضرورة تنظيم عملية الإفصاح عن السياسات المحاسبية على المستوى القومي والدولي، حيث تساهم نظرية المحاسبة فى ترشيد التطبيق المهني للمحاسبة عن طريق إرساء المبادئ العلمية المتعلقة بتحديد أسس قياس وعرض العمليات المالية، حيث أن المعايير المحاسبية ليست أداه للاسترشاد العام وإنما هي تعبير عن كيفية تطبيق مبدأ محاسبي معين، ونظرية المحاسبة هي الإطار الفكري والمعايير هي الإطار التطبيقي لتنظيم الممارسة العملية، لذلك لابد من الربط بين الإطارين حتى تتحقق خاصية الملائمة والتوافق بين النظرية والمعايير وفيما بين المعايير وبعضها البعض.
ويعتبر الإفصاح المحاسبي هو جوهر النظرية المحاسبية، حيث يقضى بضرورة أن تفصح القوائم المالية الختامية عن السياسات والمعلومات المحاسبية بصورة كاملة وشاملة وواضحة بهدف تمكين أصحاب المصالح من حسن إصدار القرارات.
ويجدر ملاحظة أن إعداد التقارير المالية الشفافة يتعدى مجرد تطبيق مجموعة من المعايير المحاسبية التى تهدف إلى توفير التناسق وقابلية المقارنة، إذ أن ذلك يعتبر جزءاً لا يتجزأ من نظام جيد مصمم بعناية لحوكمة الشركات، وفى الولايات المتحدة يطلب إلى مجالس الإدارة أن تتأكد من قيام المحاسبين والمراجعين وإدارة الشركة بأداء أعمالهم بطريقة سليمة وبشكل مستقل مع مراعاة أن يؤدى تطبيق المعايير المحاسبية إلى توفير الشفافية والتي تعكس اقتصاديات الشركات.
   ولما كانت الدول في جميع أرجاء العالم مازالت مستمرة في جهودها لتنمية الاقتصاديات الديمقراطية القائمة على أساس السوق، فقد زادت أهمية إتباع المعايير المحاسبية ومعايير إعداد التقارير السليمة، لسلامة نظمها المالية، ومن الممكن أن يؤدى إتباع المعايير المحاسبية الدولية المعترف بها إلى تسهيل جهود الخصخصة، نظراً لما توفره من ثقة لدى أصحاب المصالح. [19].  
   ومما لاشك فيه أن المعايير المحاسبية السليمة تدعم كفاءة الإدارة المالية، كما أن النظام السليم للتقارير هو الذي يوفر المعلومات الحيوية والتي تساعد على اختيار القرارات الاستثمارية السليمة.
ونظراً للحاجة إلى معايير محاسبية سليمة في جميع أرجاء العالم فقد بدأت المنظمة الدولية للجان الأوراق المالية ( OSCO ) في بداية التسعينات بالمطالبة بوضع مجموعة واحدة من المعايير المحاسبية يمكن استخدامها كجواز مرور في أسواق الأوراق المالية بمختلف الدول، وقررت المنظمة أن أفضل فرصة لوضع هذه المجموعة الواحدة من المعايير المحاسبية، تكمن في البناء على المعـايير التي وضعتـها لجـنة المعايير المحاسبية الدولية ( IASC ) والتي ينظر إليها باعتبارها قائمة على مبادئ على عكس المعايير الأمريكية التي ينظر إليها على أساس إنها قائمة على أحكام وقواعد.
   ويرى البعض أن استخدام وقبول مجموعة واحدة من المعايير المحاسبية يمكن أن يؤدى إلى زيادة القدرات المالية وإضفاء نوعاً من المرونة في المعاملات الدولية، وبالتالي زيادة الجودة العالية في التقارير المالية، وقد ساعد الاتحاد الأوربي حركة التوجه إلى معايير المحاسبة الدولية بالموافقة على خطة عمل الخدمات المالية في عام 1999، وتلا ذلك تقرير " Lamfalussy Report " عن تنظيم أسواق الأوراق المالية الأوربية في فبراير 2001 وكلاهما معاً سيتطلبان من الشركات المقيدة في بورصات الاتحاد الأوربي أن تعلن وتخطر عن نتائجها المالية باستخدام المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية ابتدأ من عام 2005.
إن أهداف المحاسبة المالية تحتل مركز اهتمام الهيئات والمجالس المعنية بإعداد معايير المحاسبة ومحور أعمالها ونشاطاتها وبالتالي نتج مفهومين عن أهداف المحاسبة المالية هما:- [20]. .
 1-مفهوم المساءلة
Accountability Context
  وتزامن ظهور هذا المفهوم مع فصل إدارة الشركات عن ملاكها مما أدى إلى ظهور الحاجة لتلك المساءلة من قبل الملاك للاطمئنان على استثماراتهم كما أدت هذه المساءلة إلى الحاجة للتسجيل من أجل إعداد التقارير، والحاجة إلى المراجعة من أجل دعم الثقة والى التحليل من اجل الاستيعاب، وأصبح مفهوم المساءلة أكثر شمولاً ويقدم نظام عادل لنقل المعلومات بين السائل والمسئول.
   ويرى الباحث أن تعميق مفهوم المساءلة يتفق مع أسلوب حوكمة الشركات بما يبديه من شفافية وإفصاح عن المعلومات مما يُعضد عن عملية التواصل والتعاون بين الملاك والإدارة وبالتالي ازدهار ونمو الاقتصاد.
   إن المحاسبة المسئولة هي إحدى الأدوات الرئيسية في ضمان الحوكمة السليمة فى الشركات، لذا يجب على المحاسبون أن يفهموا جيداً مفهوم حوكمة الشركات.
2-الرقابة الداخلية ودور لجان المراجعة في تطبيق حوكمة الشركات
    إن التغير الهيكلي في مكونات البيئة الإنتاجية والتسويقية وما صاحبها من تطورات في نظم الاقتصاد العالمي، خلق نوعاً من المنافسة الحادة نظراً لبعض المستجدات مثل التطور الحديث في نظم التكنولوجيا، وتطبيق بنود اتفاقية الجات، وكذلك انفصال الملاك عن الإدارة، مما حدى بالإدارة إلى المسارعة لإيجاد أساليب جديدة في الرقابة الداخلية تحقق الطمأنينة لها وللمشروع وأصحابه وذلك من خلال إطار منظم وهو نظام الرقابة الداخلية، بما يحتويه من أساليب رقابة محاسبية وأساليب رقابة إدارية والتي أكد المعهد الأمريكي للمحاسبين القانونيين ( AICPA ) على أهمية العلاقة الوثيقة بين كلا النوعين من الرقابة المحاسبية والرقابة الإدارية من اجل تحقيق مراقبة داخلية فعالة. [21].  

أ-نظام الرقابة الداخلية 
   أن نظام الرقابة الداخلية يمثل قاعدة أساسية وضرورية للاطمئنان إلى دقة البيانات المالية والتحقق من قدرتها على تحقيق أقصى كفاية إنتاجية للمحافظة على الاستثمار، لابد أن يحقق مستويات ملائمة من المراجعة والفحص داخل كل شركة، ويؤدى التطبيق السليم لمبادئ الحوكمة إلى جعل عمل المراجعين أكثر سهولة، حيث يساهم في دعم التعاون المشترك بين الإدارة والقائمين على نظام الرقابة الداخلية. [22].  
كما يجب أن يتم وضع نظام الرقابة الداخلية بناء على تصور ودراسة المخاطر التي قد تواجه الشركة مع ضرورة متابعة وتقييم تلك المخاطر بشكل دوري.
كما أن أساليب الرقابة الداخلية التي يحتوى عليها نظام الرقابة الداخلية تساعد الإدارة الرشيدة من خلال أسلوب حوكمة الشركات في الوصول إلى درجة من التأكيد المعقول Reasonable Assurance عند قياس وتقييم المخرجات المالية حتى يمكن تقدير المنافع ومقارنتها بالتكاليف
وتلعب جودة المراجعة دوراً كبيراً فى تفعيل أسلوب حوكمة الشركات حيث يزيد معدل الثقة لدى مستخدمي التقارير المالية، حيث أن وضع نظم للرقابة على الجودة والالتزام بها تلعب دوراً كبيراً في ضمان جودة عملية المراجعة. [23].  
ج- لجان المراجعة
    مع ازدياد فرض القيود القانونية في كثير من الدول المتقدمة الاقتصادية، وضخامة حجم مجلس الإدارة وعدم التجانس بين أعضاءه بما لا يتناسب مع تناول العملية الخاصة باستعراض مراجعة القوائم المالية للشركات، وكذلك الخلافات التي قد تثور بين مصالح الإدارة ومصلحة جودة التقارير المالية – كل ذلك أدى إلى ظهور لجان المراجعة في الشركات لمساعدة مجالس الإدارة على الالتزام والوفاء بمسئوليتها الإشرافية، وهذه اللجنة تتكون من أعضاء مجلس الإدارة المستقلين والذين يمتلكون المهارات المالية والمحاسبية وذلك لدعم استقلال المراجع الخارجي وتحديد أتعابه ومراجعة القوائم المالية والتقارير للتأكد من جودة المعلومات الواردة بها. [24].  
  وهناك اتجاه قوى داخل الشركات للاعتماد على لجنة المراجعة مع الوضع في الاعتبار توافر عدة عناصر لازمة لكي يكون دورها فعال ومنها التمتع بالاستقلالية، الخبرة، وهو ما يتفق مع أسلوب حوكمة الشركات، وكذلك تقييم الإفصاح المالي، ومدى كفاية الرقابة الداخلية.
   وتعتبر وظيفة لجنة المراجعة بالنسبة لإعداد التقارير المالية هي وظيفة إشرافية رقابية ولا يدخل في دورها إعداد هذه القوائم – أي أن هذه اللجنة تقوم بدور المنسق بين مجلس الإدارة والمراجع الخارجي واستعراض نتائج المراجعة الداخلية والخارجية، كما تقوم بالنظر في أي تغييرات ملموسة بشأن مبادئ وممارسات المراجعة والمحاسبة المستخدمة عند إعداد القوائم المالية أو أي ممارس لاختيار مثير للشك تم استخدامه في إعداد تلك القوائم. [25].
     كما يجب على لجنة المراجعة أن تقوم بتقييم المخاطر التي تنشأ عن الضغوط على مجلس الإدارة لإعداد التقارير، ومن الواضح انه لكي تكون لجنة المراجعة فعالة في إشرافها على عملية إعداد التقارير المالية، فإنها لا يمكن أن تعمل في فراغ، حيث تعتمد على المعلومات التي تقدم إليها من الإدارة المالية، وموظفي المراجعة الداخلية، والمراجعين الخارجيين للقيام بمسئوليتها – لذا فإن من المهم أن تقوم اللجنة بخلق حوار مفتوح وحر وصريح ومنتظم مع كل أولئك المشاركين في العمل، وفى الواقع أن المحاسبة المالية وعملية إعداد التقارير المالية ذات الجودة العالية لا يمكن أن تنتج إلا عن طريق الاتصالات الفعالة. [26].  
  وقد أكد البنك الدولي على أهمية الشفافية في نظم المحاسبة والمراجعة من اجل الحصول على تقارير مالية للشركة تتمتع بمصداقية ودرجة ثقة عالية، وكجزء من التقارير الخاصة بمبادرة الالتزام بالمعايير والقواعد ( ROSC ) سوف يقوم البنك الدولي بمراجعة مدى الالتزام بمعايير المحاسبة والمراجعة فى عدد من الدول، ويهدف هذا العمل إلى وضع أساس لمقارنة الأساليب في الدول موضع البحث والتي سيتم مراجعتها على أساس المعايير المحلية والدولية والهدف من هذه المراجعة هو تقييم القدرة على مقارنة معايير المحاسبة والمراجعة المحلية مع الدولية والدرجة التي تلتزم بها الشركات فى كل دولة. [27].  

أولا- إثبات فروض الدراسة
    توصل الباحث من خلال هذه الدراسة إلى أن اقتصاد السوق المفتوح قد أملى علينا ضرورة استخدام أساليب حديثة في الإدارة للمحافظة على الأموال واستمرار الشركات في ظل انفصال الملكية عن الإدارة، ومن هذه الأساليب أسلوب حوكمة الشركات وما يتبعه من إجراءات تستند على عدة مبادئ تدعو إلى الإدارة الرشيدة، وتوطيد العلاقة بين الملاك والشركة للحفاظ على حقوق المساهمين وتعظيم الربحية.
ومن ثم فإن الباحث قد أثبت الفروض الآتية:-
1-إن طلب الشفافية والإفصاح الكامل في إجراءات المحاسبة والمراجعة والتطبيق السليم لمعايير المحاسبة والمراجعة المتعارف عليها، يساعد أسلوب حوكمة الشركات في محاربة الفساد، وذلك عن طريق تفعيل المحاسبين والمراجعين من خلال هذا الأسلوب للحصول على المعلومات المالية اللازمة لاتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة ووضع استراتيجيات العمل وتطويرها بصفة مستمرة وكذلك تفعيل دور لجان المراجعة داخل الشركات للاستفادة من فكرة إنشاءها.
-إن نظم المحاسبة المالية تعمق مفهوم المساءلة وبالتالي تقديم نظام عادل لتلك المعلومات وتبادلها بين إدارة الشركة والمستثمرين مما يؤدى إلى دعم الثقة والحفاظ على مصالح كل الأطراف، حيث تساعد النظم المحاسبية على دعم القابلية للمحاسبين عن المسئولية والشفافية، كي تشجع على الاستخدام الكفء للموارد، وجذب رؤوس الأموال، ودعم القدرة التنافسية للمشروعات والشركات، وخلق وظائف جديدة.

ثانيا-نتائج الدراسة
- إن حوكمة الشركات تهدف إلى وضع هيكل يسمح بقدر كبير من الحرية في ظل سلطة القانون وتبنى المعايير الدولية للشفافية والوضوح والدقة في البيانات المالية.
2
- هناك اتفاق بين الباحثين الممارسين حول محددات ومعايير تقييم أسلوب حوكمة الشركات، حيث يحمل مجموعة من القواعد والتنظيمات القانونية والمحاسبية والمالية والاقتصادية التي تحكم الإدارة في عملها.
3- إن مبادئ حوكمة الشركات تعتبر نقاط مرجعية لصانعي السياسات عند إعدادهم للأطر القانونية والتنظيمية للحوكمة في الشركات وبالتالي فإن تطبيقها يعتبر اهتمام متزايد بالنسبة لقرارات الاستثمار.
4-الشفافية والفساد وجهان متناقضان لعملة واحدة وبالتالي لابد من بذل الجهود الكافية للقضاء على الفساد – حيث تعتبر الشفافية المصل المضاد للفساد، وبالتالي لابد وأن تأتى هذه الجهود من داخل المجتمع ذاته وإغلاق المنافذ في وجهة ومتابعة إنفاق المال العام حيث انه حق ديمقراطي.
-تزايد الحاجة إلى تفعيل استخدام معايير المحاسبة الدولية ومعايير المراجعة الدولية لتحقيق درجة أكبر من الشفافية على المستوى العالمي في إطار المساءلة.
-إن نظام الرقابة الداخلية ولجان المراجعة داخل الشركات تلعب دوراً كبيراً في تفعيل أسلوب حوكمة الشركات من خلال دراسة المخاطر والقيام بعملية الربط بين مجلس الإدارة والمراجع الخارجي وتحقيق الاستقلالية للوصول إلى الشفافية والإفصاح الكامل بالقوائم المالية من خلال جودة الأداء المهني.

التوصيات
-يجب على الحكومات تبنى مفهوم الحوكمة وأن يكون ذلك من خلال إصدار التشريعات اللازمة لتشجيع الشركات على تنفيذ هذا الأسلوب للحفاظ على الأموال وزيادة الاستثمارات ودعم الاقتصاد القومي.
-ضرورة متابعة الفساد ومعرفة وسائله وأساليبه ومقاومته بمبدأ الشفافية والإفصاح وعلاج الفساد الإداري وإعلان الحرب عليه لتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي وتعميق مفهوم المساءلة، وحسن اختيار القيادات فى ظل معايير الكفاءة وليست المحسوبية.
-ضرورة الالتزام بمعايير المحاسبة والمراجعة واستمرار العمل بها لإنتاج تقارير مالية ذات جودة عالية واستخدامها في القرارات الاقتصادية التي تحقق الكفاية للمجتمع، ودعم ممارسات المحاسبة والمراجعة من خلال التنظيمات الثقافية والمهنية الخاصة بها.
-وضع قواعد لأفضل الممارسات فى مجال إدارة الشركات على المستوى الدولي والمستوى الإقليمي، وتدريب العاملين عليها، وتحديد الأدوار من خلال ثقافة أسلوب حوكمة الشركات وتبادلها بين الكيانات الاقتصادية العربية.
-تعميم استخدام أسلوب حوكمة الشركات في قطاع الأعمال العام بجانب القطاع الخاص للاستفادة من الممارسات الأفضل مع التركيز على القيم لتحقيق الأرباح المالية وترسيخ المسئولية الاجتماعية والأخلاقية في المجتمع.

ملخص البحث
    إن ما يشهده العالم من تحرير لاقتصاديات السوق وما يتبعها من تحرير للأسواق المالية مما يترتب عليه تزايد انفصال رؤوس الأموال والتوسع في حجم الشركات وانفصال الملكية عن الإدارة، كل ذلك أدى إلى ضرورة الاستعانة بآليات جديدة للرقابة من خلال إطار تنظيمي يضمن حماية رؤوس الأموال في الشركات والمشروعات وكانت إحدى هذه الآليات هو أسلوب حوكمة الشركات CORPORATE GOVERNANCE ، أو ما يسمى بالتحكم المؤسسي وما يتبعها من إجراءات تستند على عدة مبادئ تدعو إلى الإدارة الصحيحة والرشيدة وتوطيد العلاقة بين الشركة وأصحابها للحفاظ على حقوق المساهمين وتعظيم الربحية وتفعيل مبدأ محاسبة المسؤولية.
     ويهدف هذا البحث إلى تفعيل وتعظيم دور المحاسبين ومراقبي الحسابات في أسلوب حوكمة الشركات من خلال الإفصاح والشفافية الكاملة عن كل ما يتصل بالقوائم المالية ونتائجها في الوقت المناسب مما يمكن من خلاله تقييم الموقف المالي والأداء وتسهيل الحصول على المعلومات المالية والتي تلعب دوراً رئيسياً في اتخاذ القرارات الاستثمارية ووضع استراتيجيات العمل داخل الشركات وذلك من خلال التطبيق السليم للمعايير المحاسبية ومعايير المراجعة لتفادى الفشل المالي والأزمات الاقتصادية، بما يضمن استمرارية النشاطات وتحقيق النمو الإقتصادي ودعم القدرات التنافسية لخدمة الأهداف المجتمعية وزيادة الدخل القومي.



الخاتمة:
The financial crises, which occurred in the recent years and led to the lose of many companies, have arisen a very important matter which is related to the quality of the accounting information advertised in the financial reports. Thus, it seems to be necessary to look for another means to change this view and regain the investors trust again through applying Corporate Governance of companies  which is able to make the policies of companies and strategies followed in decision – making processes prominent.
 The nation of Corporate Governance of companies has established to regulate the relationships between the managerial council in companies, branch managers auditing committee, the cooperators and those who have other relation with these firms.
Due to the existence of a cooperative relationship between the owners and managers, many problems have appeared. These problems have focused on the opposite benefits, since the managers are always trying to achieve their personal benefits to increase their gains and decrease their efforts rather than giving benefits to the owners. To reduce such problems, a number of countries have established basic principles for Corporate Governance in order to protect all the other partners benefits which have a relationship with the company.
To achieve the aims of the present study, the research has been divided into three parts. The first one deals with the theoretical notion of  Corporate Governance. The second tackles the agency theory and its relation to Corporate Governance. The last part is devoted to conclusion and recommendations which the researcher arrives at.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق